منتديات بستان العارفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بستان العارفين

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ

 

 الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ebrehim
Admin
ebrehim


عدد المساهمات : 1170
تاريخ التسجيل : 18/03/2011

الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Empty
مُساهمةموضوع: الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967    الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالأربعاء أغسطس 08, 2012 10:13 am

الصابـرا: جيل
ما
قبل عام
1967

Sabra: Pre 1967
Generation
«صابرا»
كلمة عبرية مُشتقَّة من
الكلمة العربية
«الصبار» أو «التين الشوكي»، وقد تَردَّد المصطلح بمعناه
الاجتماعي،
لأول مرة، في
أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة حيث أطلق في مدرسة هرتزليا
الثانوية في تل
أبيب على التلاميذ اليهود من مواليد فلسطين والذين كانوا يُحسّون
نقصاً حيال
أقرانهم الأوربيين الأكثر تَفوُّقاً في الدراسة مما كان يجعلهم
يلجأون
إلى تعويض هذا
الشعور بتَحدِّي هؤلاء الأوربيين بنوع من النشاط الخشن يرد لهم
اعتبارهم. وقد
تمثل ذلك النشاط في الإمساك بثمرات التين الشوكي وتقشيرها بالأيدي
العارية، وهي
مهارة يدوية تأتي بالمران والممارسة وليس من خلال الدراسة الفكرية
. وقد أصبحت كلمة
«الصابرا» تُطلَق اسماً على كل يهودي يُولَد في فلسطين. ومن
المصطلحات الأخرى
المرتبطة بها كلمة «شوتسباه» اليديشية التي تشير إلى مجموعة من
الصفات مثل الجرأة
الزائدة، التي قد تصل إلى حد الوقاحة، والسذاجة المختلطة
بالذكاء. وحسب
الرؤية الإسرائيلية الشائعة، فإن جيل الصابرا يتسم بالشوتسباه، أي
الجرأ الزائدة
هذه. ومن صفات الصابرا أيضاً ما يُسمَّى «تسيفتسوف إيحاد جادول»،
وهي
عبارة عبرية تعني
«تصفيرة واحدة كبيرة»، وتشير إلى مقدرة جيل الصابرا على أن يسخر
من كل المشاكل
ويقابلها بهذه التصفيرة. ويُشار إلى لغة الصابرا بأنها لغة
«الدوغري»، وهي
كلمة عامية مصرية شائعة معناها «مباشر ولا يحب اللف أو الدوران
».

ومصطلح «الصابرا»،
والمصطلحات المرتبطة به، تؤكد صفات مُحدَّدة في شـخصية
صاحبها، أي أبناء
المسـتوطنين الصهاينة الذين وُلدوا ونشـأوا في فلسطين، ومن أهمها
معاداة الفكر
والمقدرة على التعامل مع الواقع بشكل مباشر. وهذه الصورة موضوع
أساسي
كامن في الفكر
الصهيوني الذي يَصدُر عن نقد ما يُسمَّى «شخصية يهود المنفى
»، باعتبارهم شخصيات
مريضة ضعيفة هزيلة حزينة شاحبة منغلقة هامشية قلقة يغمرها الإحساس
بالذنب ولا تسيطر
بأية حال على مستقبلها أو مصيرها مما يُسمَّى في الأدبيات
الصهيونية «العجز
وانعدام السيادة وممارسة السلطة». وكانت الصهيونية تطرح فكرة
تطبيع الشخصية
اليهودية، أي جعل اليهود شخصيات طبيعية عن طريق الاستيطان في
فلسطين
وأداء أعمال
يدوية، وعدم الاعتماد على العمالة غير اليهودية، باعتبار أن هذه
العملية ستؤدي في
نهاية الأمر (حسب التصور الصهيوني) إلى نفي الدياسبورا، أي القضاء
على الجماعات
اليهودية في الخارج. وقد طرح الصهاينة ما سمّوه «اليهودي الخالص»،
وهو
اليهودي مائة
بالمائة الذي يُجسِّد القيم الصهيونية الجديدة، بديلاً ليهودي
المنفى
. وكان من
المُتوقَّع أن يكون المُستوطن الصهيوني هو آخر يهـود المنفـى وأول
اليهـود
الخُلَّص الذين لا
تشـوبهم شـائبة من عالم الأغيار، وهذا هو ما عبَّروا عنه في
قولهم: "فلتكن آخر
اليهود وأول العبرانيين". وقد تنبأ الشاعر الصهيوني نحمان بياليك
بتطبيع اليهود،
وأنهم سيصلون إلى هذا المستوى حين تظهر أول بغيّ عبرية، وأول لص
عبري في
فلسطين
!

وأخذ المستوطنون
يحاولون وَضْع هذه الرؤية موضع التنفيذ
بحيث يصبح الإنسان
العبراني الجديد نقيض يهود المنفى. وكما قال الشاعر الإسرائيلي
تسفي جرينبرج في
قصيدة له: "الأمهات اليهود أحضرن أطفالهن إلى الشمس ليحترق الدم
الذي يجري في
عروقهم ويزداد حمرة، بعد أن بهت في الجيتو وعالم الأغيار!".
والإنسان
الجديد هو
الصابرا؛ هذا الإنسان العبراني المعادي للفكر، القوي البسيط المباشر
الذي
يرفضه يهود المنفى
ولا يفهم هو سلوكهم أو خضوعهم. والصابرا يدين بالولاء لدولته
القومية ولا يعاني
من أي ازدواج في الولاء، ويحب أن يسير مع الجماعة (وقد جاء في
إحدى القصائد
الإسرائيلية أن الصابرا، حينما يحلم، يحلم بضمير جمع المتكلمين)
ولا
ينفصل عنها (جاء
في إحدى النكات الإسرائيلية أن عضواً في الكيبوتس قد تركه أصدقاؤه
بمفرده، ففكر في
الانتحار، وحاول ذلك بالفعل، ولكنه فشل لأنه كان بمفرده). والصابرا
لا يؤمن بالدين،
فقد تمت علمنته بشكل كامل على النمط الأوربي، كما أن هويته
العبرانية هوية
قومية مرتبطة بالأرض لا بالقيم الدينية. وهو، علاوة على كل هذا،
شخصية منتجة - حسب
التصوُّر الصهيوني - تتحكم في مصيرها. وينعكس كل هذا في الأبعاد
العسكرية لشخصيته،
ولذا نجد أن ذروة هذه الشخصية وأقصى تَحقُّق لها هو الكيبوتسنيك،
أي عضو الكيبوتس
الذي لا ينتمي إلى أسرة مُحدَّدة ويعيش في مجتمع شبه زراعي شبه
عسكري في بيئة
مختلفة تماماً عن الجيتو
.
وقد وصف عالم
الاجتماع الفرنسي
جورج فريدمان
أفراد هذا النموذج الجديد بأنهم "أغيار يتحدثون العبرية
"، فهم
يتسمون
بكل سمات الأغيار،
ومنها معاداة اليهود، ولا يختلفون عنهم إلا في اللغة. وقد أشار
آرثر كوستلر إلى
النموذج الجديد باعتباره "طرزاناً يهودياً"، أي إنساناً طبيعياً
مجرداً من التاريخ
والقيم يعيش بقيم الغابة الغربية الداروينية، ولم يبق له من
اليهودية سوى
الشكل، أي أنه علماني تماماً. ويُشار إليه أحياناً بوصفه «سوبرمان
يهودي» قياساً على
سوبرمان أو بطل نيتشه الأرقى الذي يُمجِّده الفكر النازي
والصهيوني.
وبالفعل، نجد أن الصابرا يُجسِّد مجموعة من القيم النيتشوية التي
تُعلي
من شأن القوة
والفعل مقابل الضعف والفكر
.

ولكن هذه الرؤية
المختلة للذات،
والتي لا تستند
إلى التاريخ، تحوي داخلها عدة تناقضات نوجزها فيما يلي
:

1 -
صورة يهود
المَنْفَى صورة كاريكاتورية ساذجة للغاية لا تُعبِّر عن ثراء حياتهم
أو
عن إنجازاتهم
الحقة أو عن تواريخهم المتنوعة، وخصوصاً أن تواريخ اليهود التي
يُشار
إليها باعتبارها
«التاريخ اليهودي» لم تأخذ مسارها في أرض فلسطين وإنما خارجها في
المَنْفَى.

2 -
حينما يلجأ أبناء
جيل الصابرا إلى رَفْض يهود المَنْفَى،
فإنهم يرفضون
الماضي الوحيد الذي يمكن أن تستند هويتهم إليه، إذ لا يمكن إدراك
الهوية دون ماض.
ويُقال إن من صور الصابرا الأساسية المتواترة في الأدب الإسرائيلي
أنه جيل يتيم لا
أب له؛ طفل أزلي غير قادر على النضوج لأنه لا يتفاعل مع الماضي
.

3 -
ومع أن جيل
الصابرا يرفض اليهود واليهودية، فإن مشروعه الصهيوني يهدف
إلى إنشاء دولة
يهودية لحماية اليهود ولتحقيق الهوية اليهودية والجوهر اليهودي
. ومعنى ذلك أن
شرعية وجوده في فلسطين، والأساس الأخلاقي لطَرْد سكانها، يستندان
إلى
أساس يهودي
افتراضي: رؤى دينية (أو إثنية) يهودية مثل الميثاق أو أرض الميعاد
.

وقد تبدَّت هذه
التناقضات في شكل تناقص إحساس الصابرا بيهوديتهم. فحين تم
استطلاع رأي جيل
الصابرا (بعد إنشاء الدولة)، وُجد أن لديهم إحساساً شديداً بهويتهم
المُخلَّقة
الجديدة تأخذ شكل اعتزاز شديد بالنفس واحتقار عميق ليهود العالم،
وخصوصاً أن
الملايين التي كان من المفترض قدومها للاستيطان في الأرض المحتلة
آثرت
البقاء في أوطانها
التي يُشار إليها بلفظ «المَنْفَى». كما أفاد الاستطلاع أن
الرؤية المباشرة
المعادية للفكر عند الصابرا تبدَّت في صورة رَفْض للفكرة الصهيونية
ذاتها، وذلك
باعتبار أن الصهيونية ليست تجربة وجودية حية وإنما مجرد نظرية
تُعبِّر
عن استجابة يهود
المَنْفَى لعالم الأغيار وعن تطلعاتهم للخلاص منه وبرنامج لإصلاحهم
وتطبيعهم، الأمر
الذي لا ينطبق على الصابرا الذين يعيشون واقعهم الجديد. أما معاداة
اليهود، إحدى
ركائز الصهيونيـة، فهي بالنسـبة للصابرا محـض ذكريات الآباء
والأجداد،
لا يشاركون هم
فيها. بل إن الفرد من جيل الصابرا، حينما ينظر إلى هذه الذكريات أو
«الماضي اليهودي»،
لا يُبدي سوى الازدراء له لاقترانه بالضعف والسلبية، فهو لا يقبل
مثلاً سلوك الستة
ملايين الذين يُزعَم أنهم أبيدوا بغير مقاومة على يد
النازيين.

لكل هذا، أصبح
الصابرا، من منظور القائمين على المجتمع الصهيوني،
مرادفاً للتَحلُّل
العقائدي ولازدياد الشك والنزعة العلمية على حساب الالتزام
العقيدي. ومن هنا،
بدأت عملية إعادة تثقيف، أخذت شكل التأكيد على الإبادة النازية
لليهود، وبالذات
عناصر المقاومة اليهودية، والتأكيد على ما يُسمَّى «المصير اليهودي
المُشترَك» الذي
يربط اليهود بعضهم ببعض أينما كانوا. كما تم تقرير مادة تُسمَّى
«الوعي اليهودي» في
المدارس حتى لا يبتعد جيل الصابرا تماماً عن الجذور اليهودية
التي رفضتها
الصهيونية. ولكن هذه المحاولة التخليقية، التي ترمي إلى الحفاظ على
صهيونية العبراني
الجديد، قابلت هي الأخرى عدة صعوبات من أهمها أن تطبيع المجتمع
الإسرائيلي أدَّى
إلى تَبنِّي جيل الصابرا قيماً علمانية أمريكية برجماتية ترفض
الماضي وأية عقيدة
أو نظرية، الأمر الذي عمَّق رفضهم الفكر النظري أو العقائدي،
وإلى انتشار ما
يُسمَّى بعقلية «روش قطان» وهي عبارة عبرية تعني «الرأس الصغير
» وتشير إلى الإنسان
العلماني الاستهلاكي الذي يهتم بمصالحه الخاصة ولا يهتم بالأهداف
القومية (ولذا،
فإن معدته كبيرة ورأسه صغير). كما أن أزمة الصهيونية، داخل وخارج
المستوطَن
الصهيوني، تجعل بعث هذه العقيدة، التي لم تَعُد تَصلُح دليلاً
للعمل،
مهمة صعبة. ولكل
هذا، يزداد الانصراف عن الصهيونية كعقيدة. وقد انعكس هذا الاتجاه
البرجماتي
الاستهلاكي العملي في تزايد معدلات العلمنة الشاملة وتَقبُّل قيم
المنفعة
واللذة بين
الإسرائيليين، وزيادة أمركة المجتمع الإسرائيلي، فأصبحت الدولة
الاستهلاكية
العظمى في الغرب (الولايات المتحدة) هي المثل الأعلى لا الدولة
الصهيونية
الصُغرَى في فلسطين المحتلة. ومن هنا، تَزايُد نزوح الأفراد من جيل
الصابرا عن
إسرائيل، بل تم تَقبُّل قرار النزوح اجتماعياً بعد أن كانت تلك
مسألة
مرفوضة تماماً
تشبه الخيانة القومية. وقد أدَّى هذا إلى ظهور ما يُسمَّى
«الدياسبورا
الإسرائيلية» حيث هناك مئات الألوف من المرتدين أو النازحين
الإسرائيليين من
جيل الصابرا أو غيرهم (ويُقال إنهم يبلغون 700 ألف، أي أكثر من
سكان التجمُّع
الصهيوني عند إعلان الدولة، وحسب بعض الإحصاءات يبلغ عددهم مليونًا
). وعلى المستوى
العملي، يتضح هذا الاتجاه البرجماتي المعادي للصهيونية بكل جلاء في
واقع أن كثيراً من
الصابرا لا يعتبرون الولايات المتحدة جزءاً من المنفى بل وطناً
قومياً
ثانياً
!

وإلى جانب هذا،
تُوجَد في الوقت الحاضر عناصر أخرى في تجربة
جيل الصابرا تدفعه
أيضاً بعيداً عن الصهيونية، لا إلى الاستهلاكية والبرجماتية
والتأمرك فقط
وإنما إلى أحضان الماضي اليهودي الذي كان يهرب منهم وكانوا هم
يرفضونه
بحثاً عن الجذور
(بالإنجليزية: روتس
roots)، وهذا ليس بعودة إلى الماضي، وإنما عودة إثنية إلى الذات
الإثنية القومية! ومن أهم هذه العناصر، تفاقم أزمة العلمانية
الشاملة في
التجمُّع الصهيوني وظهور أزمة هوية بصورة حادة. فالصابرا بدون تاريخ
هو
في نهاية الأمر
بدون هوية. كما أن الصابرا، هذا العلماني الشامل البرجماتي، يجد
نفسه في دولة كل
ما فيها رموز دينية، مثل نجمة داود والمينوراه، وحتى الاسم
«يسرائيل» معناه
«المدافع عن الإله». كما يجد نفسه مضطراً لأن يخوض حروباً باسم هذه
القيم الدينية
التي يُفترض فيه أنه لا يؤمن بها إلا باعتبارها فلكلورًا
شعبيًا!وقد
آتت مادة «الوعي
اليهودي» أكلها، إذ بدأ بعض أعضاء جيل الصابرا يدركون عناصر هذا
الماضي ويفهمونها
في سياقها. ومن ثم بدأوا ينظرون إلى عالم المَنْفَى بشيء من
الإعجاب وبكثير من
الشـك في شـخصية الصابرا المجردة التي لا جذور لها ولا تراث. وقد
كان يهودي
المَنْفَى - حسب هذه الرؤية - ذا هوية حدودها واضحة مُتعيِّنة على
الأقل،
وله لغته وثباته
وتراثه. كما كانت الجماعة اليهودية تتسم بالتماسك الشديد والتضامن،
على عكس المجتمع
الصهيوني الذي يفتقد الهوية الواضحة وتُفتِّته النزعات الحزبية
ويفتقد الاجماع
القومي في الوقت الحاضر. (فكَّر سكان الكيبوتسات بالفعل في ذلك
الوقت في الطرق
المختلفة للانتحار)
.

كما بدأ موقف
أبناء جيل الصابرا
يتغيَّر من
الإبادة النازية (قصة الفشل اليهودي الأكبر) إذ بدأوا يسألون: هل
كان
بوسع اليهود أن
يفعلوا شيئاً أمام قوة النازي وسطوته؟ ويجرى الآن طرح السؤال
التالي: لو وصل
روميل إلى فلسطين، هل كان بمقدور المستوطنين أن يفعلوا شيئاً سوى
الاستسلام أو
الانتحار؟


ومما عقد الأمور
أن أزمة الصهيونية رافقها نجاح
يهود المَنْفَى
(وبخاصة في الولايات المتحدة) من إنجازات اقتصادية وثقافية واندماج
في مجتمعاتهم
وحراك طبقي وثقة بالنفس، وهو نجاح أدَّى إلى أن الدولة الصهيونية
وجدت
نفسها معتمدة في
بقائها على هؤلاء الذين ترفضهم من الناحية العقائدية أو تطلب
تصفيتهم.

لكل ما تَقدَّم،
تزايد ارتباط بعض أعضاء جيل الصابرا في الآونة
الأخيرة بيهود
المَنْفَى، فوجدوا أنفسهم يعودون إلى شبكة المصير اليهودي والتراث
اليهودي. والعودة
هنا ليست عودة إلى الصهيونية وإنما إلى شيء يتصورونه أكثر عمقاً،
عودة إلى ما
يتصورن أنه «التراث اليهودي»، فظهر ما يُسمَّى الاتجاه «اليهودي
» الجديد، لا
«الصهيوني» الجديد، ومن هنا كان النظر بإعجاب إلى عالم المنفى
وتراثه
الثقافي واللغوي،
والواقع أن هذا الموقف يُناقض الموقف الصهيوني الذي ينطلق من رفض
هذا العالم وهذا
التراث. كما أنهم بدأوا يتحدثون اليديشـية، ويرفضـون عبرنة
أسـمائهم، ويطلقون
لحاهم وأحياناً سوالفهم. لكن العودة إلى التراث والجذور والسلف
رد فعل لتعاظم
العلمنة بكل ما تؤدي إليه من اغتراب وتَبعثُّر (وإن كان اغتراب
المستوطن الصهيوني
أعلى كثيراً من اغتراب الفلاح الهندي الذي ينتقل إلى المدينة
مثلاً، ومن هنا
حدة استجابة الصابرا). وحينما يتحدث الصابرا عن «التراث اليهودي
»، فهم يتحدثون،
عادةً، عن تجربة يهود اليديشية في شرق أوربا (في الشتتل وفي منطقة
الاستيطان) لا عن
تجربة اليهود السفارد أو يهود العالم الإسلامي. وقد أخذ هذا
الاتجاه نحو
التراث يتمثل في تَبنِّي القيم الدينية الأرثوذكسية كمصدر من مصادر
الشرعية والهوية.
ومن أهم شخصيات جيل الصابرا الممثل يوري زوهار الذي عبَّر عن كل
سمات جيل الصابرا
بشكل متبلور فكان يرتدي الصندل ويسير دون أن يأبه بالقيم أو
التراث.
وبالتدريج، أخذ زوهار في التحول، فلبس قبعة اليرملك ثم أطلق سوالفه
ولحيته
حتى أصبح في هيئة
الحسيديين في الشتتل. ومن الصابرا من ينضم إلى الجماعات اليهودية
الأرثوذكسية التي
ترفض الدولة، وترى أن حالة المَنْفَى نهائية لا تصل إلى نهايتها
إلا حين يأذن
الإله وذلك حتى لا يرتكب جريمة «دحيكات هاكتس»، أي «التعجيل
بالنهاية»، أي أن
الصابرا الذي كان يرفض يهود المَنْفَى ويهرب منهم ينتهي به الأمر
في الآونة الأخيرة
إلى معانقتهم والهرب إليهم
!

ومن المهم جداً أن
نشير إلى
أن الدراسات
السكانية الإسرائيلية، في تصنيفاتها لسكان التجمُّع الإسرائيلي،
تعترف
بالفروق العرْقية
والإثنية بين اليهود المولودين في فلسطين والمهاجرين إليها. إلا
أنها، مع هذا،
تحاول إنكار وجود مثل تلك الفروق بين الأبناء المولودين في فلسطين،
وذلك بوضعهم
جميعاً تحت اسم «الصابرا». ويتسق ذلك مع حديث علماء الاجتماع وعلم
النفس الإسرائيلي
عن الصابرا باعتبارها كتلة واحدة متسقة لها خصائصها النفسية
والاجتماعية
المُوحَّدة. ومثل ذلك الموقف يعني تجَاهُلاً تاماً لحقيقة أن
أساليب
التنشئة
الاجتماعية (طرق التربية) التي يمارسها المهاجرون تتباين تبعاً
لأصولهم
الحضارية.
وبالتالي، فإن تكوينات هؤلاء الأطفال النفسية لابد أن تتباين،
ولفترة
طويلة تبعاً
لتباين أسـاليب التنشـئة الاجتماعية التي اتُبعت معهم. ومن هنـا،
فإن
تعبير «الصابرا»
يخدم في نهاية الأمر هدفاً سياسياً صهيونياً هو الإيهام بأن الصهر
الاجتماعي لمختلف
أصول اليهود الحضارية قد تَحقَّق في إسرائيل وتَمثَّل في جيل جديد
هو جيل الصابرا
الذي تتلاشى فيه مثل هذه الفروق الحضارية. وعلى أية حال، فإن
استقراء الكتابات
الإسرائيلية في هذا الصدد بشكل دقيق يكشف عن أن الحديث عن الصابرا
يَنصَبُّ عملياً
على أولئك المنتمين إلى أصول إشكنازية فحسب. وكما قال الكاتب
الإسرائيلي شيمون
بلاس (من أصل عراقي)، فإن كلمة «صابرا» لا تشير من قريب أو بعيد
إلى يهود الشرق.
ويوافقه في هذا ميلفورد إسبيرو حيث يرى في دراساته أن أهم ما
يميِّز الصابرا من
أبناء الكيبوتسات هو كراهية الغرباء عامة، والمهاجرين من العالم
الإسلامي على وجه
الخصوص، إذ ينظرون إليهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ويُطلقون
عليهم لفظ
«شحوريم» أي «السود». كما أن هناك عدداً من الدراسات الأخرى تؤكد على
أن
أخطر ما يزعج
الصابرا هو ارتفاع معدل تكاثر اليهود الشرقيين، وهم يرون في ذلك
أمراً
يمكن أن يدفع
بإسرائيل إلى أن تصبح شعباً متخلفاً أسود البشرة
.

وتزداد أهمية الصابرا
(بمعنى المولودين داخل إسرائيل) في استمرار تزايد نسبتهم إلى
إجمالي
السكان، فبينما لم
تتجاوز نسبة الصابرا إلى إجمالي السكان 34% عام 1962، وصلت هذه
النسبة عام 1964
إلى 39.4%. وقد استمرت هذه الزيادة في التصاعد بسبب انخفاض معدلات
الهجرة الشرقية
والغربية على السواء، وهو ما جعل التركيب السكاني عام 1989 مختلفاً
تمام الاختلاف حتى
أن نسبة المولودين داخل إسرائيل تصل إلى 64% من إجمالي سكان
إسرائيل اليهود،
أي أن الصابرا قد وصلت إلى حد التكافؤ مع العناصر المهاجرة الشرقية
والغربية مجتمعة
(وإن كانت هجرة اليهود من روسيا وأوكرانيا غيَّرت الصورة قليلاً
فقد وصلت النسبة
إلى 60%عام 1991)، مع العلم بأن مصطلح «المولودون داخل إسرائيل
» أصبح يشير إلى
المواليد من أصل غربي أو شرقي ولا يميِّز بينهما
.

وقد نتج
عن
ازدياد إسهام
الصابرا في التكوين السكاني، عاماً بعد عام، أمران في غاية
الأهمية،
أولهما: ظهور ما
يُطلَق عليه «الوطنية الإسرائيلية» مقابل «القومية اليهودية
»، بمعنى أن معظم
سكان إسرائيل لا يعرفون الآن وطناً آخر لهم، ومن ثم، فهم لا يشعرون
إطلاقاً بأي إحساس
بالذنب إزاء ما وقع للفلسطينيين من اغتصاب أرضهم وطردهم منها
. والأمر الثاني:
ارتفاع نسبة من هم في سن الإنتاج والقتال بالنسبة إلى إجمالي
السكان، وهو ما
يترتب عليه استمرار بل تَصاعُد روح المخاطرة والتطلع إلى التوسع
والسيطرة على
المنطقة. وعلى أية حال، فإن ارتفاع نسبة العلمنة والاستهلاكية قد
حيَّد هذا العنصر
إلى حدٍّ ما. ومع هذا لابد أن نأخذ في الاعتبار التركيب النفسي
لجيل الشباب (كما
يُبيَّن مدخل «جيل ما بعد 1967 [أو أزمة الخدمة
العسكرية»]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://aslmk.asiafreeforum.com
 
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بستان العارفين :: ركن الطوائف والملل :: اليَهود واليَهوديَّة و الصَّهْيونيَّة-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» المصحف الإلكتروني
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:15 am من طرف ebrehim

» الحذيفى
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:01 am من طرف ebrehim

» يحي حوى
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:00 am من طرف ebrehim

» يا رسول الله هلكت
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:05 pm من طرف ebrehim

» رأيت بياض خلخالها
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:04 pm من طرف ebrehim

» أرم فداك أبي وأمي
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» ثلاث من كن فيه فهو منافق
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» آمنت بالله وكذبت البصر
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:01 pm من طرف ebrehim

» إبليس يضع التراب على رأسه
الصابـرا: جيل ما قبل عام 1967  Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:00 pm من طرف ebrehim

المواضيع الأكثر نشاطاً
المصالـح اليهودية
إعجاز آيات القرآن الترتيب المُحكم لأ رقام الآيات
أعداد الجماعات اليهودية وتوزُّعها في العالم حتى الوقت الحاضر
أساليب المشركين في محاربة الدعوة
نحن على ابواب شهر محرم فاكثروا فيه الصيام
[دعاء مؤثر] ياصاحبي فـي شدتي
ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها
صور متحركه
شروط لا إله إلا الله
برنامج افاست avast.AV.Pro.5.1.889+الكراك مدى الحياة الخميس ديسمبر 01, 2011 2:27 am

شريط الإعلانات ||

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ____________(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ..........منتديات الكوثر العالميه
الساعة الأن بتوقيت القاهره)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات بستان العارفين
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://orchard.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد