منتديات بستان العارفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بستان العارفين

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ

 

 من أسماء الله الحسنى النصير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ebrehim
Admin
ebrehim


عدد المساهمات : 1170
تاريخ التسجيل : 18/03/2011

من أسماء الله الحسنى  النصير     Empty
مُساهمةموضوع: من أسماء الله الحسنى النصير    من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالثلاثاء أغسطس 07, 2012 10:00 pm

من أسماء الله الحسنى النصير

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



من أسماء الله الحسنى : ( النصير )



النصير كمالٌ في الوصف ومبالغة فيه :



أيها الإخوة الكرام ، الاسم اليوم هو ( النصير ) ، وهذا الاسم ورد مطلقاً مراداً به العلمية ، ودالاً على كمال الوصفية ، وهو صيغة مبالغة ، وصيغ المبالغة تعني شيئين ؛ تعني مبالغة الكّمّ ، ومبالغة النوع ، أي مهما يكن العدو قويا فالله هو النصير ، ومهما تكن الأعداء كثيرة فالله سبحانه وتعالى نصير .



الآيات والأحاديث الوارد فيها اسم النصير :



الله نصير مع أقوى عدو ، ونصير مع أكثر الأعداء تنوعاً ، لذلك هذا الاسم ورد مطلقا ، وورد مقرونا باسم المولى في آيتين فقط .

الآيات :





الآية الأولى :



الآية الأولى :



] وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) [

( سورة الأنفال )



الآية الثانية :





] وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) [

( سورة الحج ) .



الأحاديث :



وورد هذا الاسم أيضا مقيداً في دعاء النبي عليه الصلاة والسلام ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ :

(( اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي ، بِكَ أَحُولُ ، وَبِكَ أَصُولُ ، وَبِكَ أُقَاتِلُ )) .

[ الترمذي وأبو داود ]


قواعد النصر :



لكن ما من اسم يحتاجه المسلمون اليوم كهذا الاسم ، لكن هذا النصر له قواعد .



النصر من عند الله :



أول قواعد النصر أن النصر من عند الله ، وحينما يتوهم المسلمون أن النصر من عند زيد أو عبيد فقد وقعوا في وهمٍ كبير ، قال تعالى :



? وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ? .

( سورة الأنفال الآية : 10 ) .



? إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ? .

( سورة آل عمران الآية : 160 )



أنواع النصر :



1 – النصر الاستحقاقي :



وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ولكن هناك نصر استحقاقي ، فالمؤمن حينما يكون على ما ينبغي وينتصر فهذا نصر سماه العلماء النصر الاستحقاقي ، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى :





? وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ? .

( سورة آل عمران الآية : 123 )

كان أصحاب النبي من الافتقار ومن الاستقامة ومن التوحيد ما استحقوا به نصر الله عز وجل .

بالمناسبة ، حينما قال تعالى :

? وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ? .



النصر الاستحقاقي ثمنه الإيمان والإعداد :



معنى ذلك أنه من عند الله ، ولكن له ثمن ، ما ثمن هذا النصر ؟ الإيمان والإعداد :

الإيمان :

الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ـ والإعداد المتاح فقط .

الآية الأولى :



? وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ? .

( سورة الروم الآية : 47 ) .

كلام خالق الأكوان ، وزوال الكون أهون عند الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، ] إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا [ .



? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ? .



( سورة النور الآية : 55 ) .

الشرط الأول للنصر هو من عند الله ولكن له ثمن ، والبند الأول في الثمن الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، أما الإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله فلا قيمة له إطلاقا.

الإعداد :

الآن الإعداد :



? وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ? .

( سورة الأنفال الآية : 60 ) .

لكن رحمة الله أنه كلفنا أن نعد العدة المتاحة ، وليست المكافئة ، وفرق كبير بين أن نعد العدة المكافئة ، وهذا مستحيل الآن ، وبين أن نعد العدة المتاحة .

عندما أؤمن الإيمان الذي يحملني على طاعة الله ، وحينما أعد لأعدائي العدة المتاحة عندئذ أكون قد دفعت ثمن النصر ، وما لم يدفع ثمن النصر فالنصر مستحيل ، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، إذن النصر من عند الله ، وله ثمن ، والثمن له بندان الأول الإيمان ، والثاني الإعداد .

إذا آمنا ولم نعد فلا ننتصر ، وإذا أعددنا ولم نؤمن فلا ننتصر ، لذلك قالوا : الإيمان والإعداد شرطان كل منهما لازم ، لا يحقق الثاني إلا إذا كان الأول ، فكل شرط من هذين الشرطين لازم غير كاف ، وما لم يتحقق الشرطان معاً فلن يكون النصر .

حينما نتعامل مع الله وفق قواعده القرآنية ، ووفق نواميسه نقطف الثمرة ، أما إذا تعاملنا مع الله تعاملا ضبابياً مزاجياً ، ولم ندفع الثمن فلن ننتصر ، إذًا : النصر من عند الله ، وله ثمن ، ثمنه الإيمان والإعداد ، لكن أي إيمان ؟ الكلّ يدعي أنه مؤمن ، الإيمان الذي يترجم إلى استقامة ، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ، لذلك لماذا لم ينتصر المسلمين في أُحُد ؟ لأنهم عصوا ، ولو أنهم انتصروا لسقطت طاعة رسول الله .

ولماذا لم ينتصر المسلمون في حنين ؟ في أُحُد وقعوا في معصية ، وفي حنين وقعوا في شرك خفي ، فقالوا : لن نهزم مِن قلة ، إذًا : إما لسبب سلوكي في أُحد ، أو لسبب اعتقادي في حنين ، قال تعالى :



] وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) [

( سورة التوبة ) .



درسان بليغان من معركة أُحُد وحُنين :



الآن نستنبط من وقعة أحد ووقعة حنين أن هناك درسين بليغان ، الأول : حينما تقول : الله ، يتولاك الله عز وجل ، وحينما تقول : أنا ، يتخلى عنك ، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم ، بل كل ساعة ، قل : أنا بعلمي ، واختصاصي النادر ، وخبراتي المتراكمة ، ومالي العريض ، وجاهي الكبير ، يتخل الله عنك ، في حرفتك ، في مهنتك ، لا تقل : أنا ، أنا كلمة مهلكة ، قل : الله ، في زواجك ، في عملك ، في حرفتك ، حينما تقابل عدوا فإذا قلت : الله ، يتولاك الله ، فإذا قلت : أنا ، يتخلى عنك ، وما أشد هذين الدرسين عظة وفهما لما يجري في العالم .

لذلك حينما نعتد بأنفسنا يتخلى الله عنا ، " وما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته ، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هويا تحت قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه " .

فلذلك أيها الإخوة الكرام ، النصر من عند الله ، وله ثمن ، وما لم ندفع الثمن فلن نشم رائحة النصر ، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، فالنصر الأول هو النصر الاستحقاقي ، حينما ندفع ثمنه إيماناً مترجماً إلى التزام ، إلى وقوف عند الحلال والحرام ، إلى فعل ما ينبغي ، إلى تطبيق منهج الله ، إلى أن يرانا الله حيث أمرنا ، وأن يفتقدنا حيث نهانا ، والثمن الثاني أن نعد القوة المتاحة .

لذلك التوكل من دون إعداد تواكل ، وهو معصية ، أن تقول : يا رب ، توكلت عليك ، ولا تفعل شيئا ، سيدنا عمر وجد رجلا معه جمل أجرب ، قال : << يا أخا العرب ، ما تفعل بهذا الجمل ؟ فقال : أدعو الله أن يشفيه ، قال : هلا جعلت مع الدعاء قطراناً >> .

ورأى سيدنا عمر أناسا يتكففون الناس في الحج ، قال : مِن أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، بل أنتم المتواكلون ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله .

والنبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .

[ أبو داود عن عوف بن مالك ]
أن نستسلم ، ونقول : ما بيدنا شيء ، انتهينا ، هذا كلام الضعفاء ، كلام ضعاف الإيمان ، كلام الجهلة ، الله موجود :



? وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ? .

( سورة الروم )

وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، الله موجود ، الله فعال :



] مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) [

( سورة الكهف )







] وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) [

( سورة هود)



] وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ (84) [

( سورة الزخرف)

آيات التوحيد ، وما تعلم العبيد أفضل من التوحيد .



2 – النصر التفضُّلي :



إذاً : النصر الأول هو النصر الاستحقاقي ، حينما يدفع ثمن النصر إيمانا بالله يحمل على طاعته ، وإعدادا للقوة المتاحة ، الآن هناك نصر آخر سماه العلماء النصر التفضلي دليله الآية الكريمة :

? غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ? .

( سورة الروم )

في هذه الآية إعجاز ، فبعد أن اكتشفت أشعة الليزر أمكن قياس المسافات بدقة متناهية ، وأمكن قياس المسافة بين الأرض والقمر بدقة متناهية ، وأمكن قياس المنخفضات والأغوار بدقة متناهية ، وبعد أن اكتشفت هذه الأشعة تبين أن أخفض نقطة في الأرض غور فلسطين ، والروايات التاريخية تؤكد أن هذه المعركة التي جرت بين الروم والفرس كانت في غور فلسطين ، فقال الله عز وجل :



? غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ? .

( سورة الروم )

الروم أهل كتاب ، وأهل الكتاب مشركون ، ومع ذلك انتصروا ، هذا النصر ليس استحقاقياً ، ولكنه نصر تفضلي ، فنحن في عبادتنا نقول : يا رب ، إن لم نكن نستحق النصر الاستحقاقي فانصرنا نصراً تفضلياً ، والنصر التفضلي يعني أن المنتصر ليس كما ينبغي ، لكن حكمة الله اقتضت أن ينتصر ، لذلك أثبت الله للصحابة الكرام وهم نخبة البشر فرحهم بهذا النصر .



? غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ? .

( سورة الروم )

هذا هو النصر التفضلي ، إذا كانت فئة ليست كما ينبغي ، وانتصرت على الكفار وأعداء الله فهذا شيء ينبغي أن نفرح له بنص هذه الآية .

هذا هو النصر الثاني النصر التفضلي .



3 – النصر المبدئي :



لكن هناك نصر ثالث ، ما هو ؟ النصر المبدئي :



] قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) [

( سورة البروج )

الآن كلام دقيق ، أصحاب الأخدود هل انتصروا ؟ بالمقياس التقليدي لم ينتصروا ، لكنهم انتصروا نصرا مبدئياً ، لأنهم ثبتوا على إيمانهم بالله .

بالمناسبة ، مسيلمة الكذاب قبض على صحابيين ، وقال للأول : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما سمعت شيئا ، فقتله ، وقال للثاني : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : أشهد أنك رسول الله .

الآن استمعوا إلى ما قاله النبي الكريم عن هذه الحادثة ، قال : أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله ، الذي قتل النبي عليه الصلاة والسلام عدَّه منتصرا ، لأنه صمد على مبدئه ، ومن هذا النوع من النصر ماشطةُ بنتِِ فرعون ، جاؤوا بأولادها الخمسة ، لأنها قالت لما وقع المشط من يدها : يا الله ، البنت قالت لها : ألك رب غير أبي ؟ قالت : الله ربي ورب أبيك وربك ، فحدثت أباها ، فجاء بقدر من النحاس ، وجعل فيه زيتا مغليا ، وجاء بأولادها الخمسة ، وأمسك الأول ، وقال : ألك رب غيري ؟ قالت : الله ربي وربك ، فألقى الأول في الزيت المغلي فظهرت عظامه طافية على سطح الزيت ، وأمسك ولدها الثاني ، ألك رب غيري ؟ قالت: الله ربي وربك ، فألقى الثاني ، وألقى الثالث ، وألقى الرابع ، الخامس رضيع ، فلما قال لها : ألك رب غيري ؟ سكتت ، تضعضعت ، ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة ، فأنطق الله ولدها الرضيع ، قال : اثبتي يا أمي ، فأنت على الحق ، وألقاه في الزيت ، ثم ألقاها في الزيت ، هذه انتصرت نصرا مبدئيا ، أي ثبتت .

فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج شم رائحة لم يشم مثلها إطلاقا ، فقال : يا جبريل ، ما هذه الرائحة ؟ رائحة طيبة جداً ، قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون ، ففي النصر المبدئي يمكن أن لا تنتصر بالمقياس التقليدي ، لكنك مُتنا على الإيمان ، وهذا نصر مبدئي ، وفي هذا المعنى تسلية وتطمين لكل مَن قُتِل وهو على حق .

فالنبي قال : أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله ، القلق على من ؟ على الثاني الذي قال : أشهد أنك رسول الله ، يا الله ما أعظم هذا الدين ! أما الثاني فقد قبل رخصة الله ، ما كلف الله الإنسان فوق ما يستطيع ، فلو أن الماشطة قالت : أنت ربي ، فلا شيء عليها ، ولكن لو أخذ كل المؤمنين بالرخص ما بقي هناك بطولات ، فالإمام أحمد بن حنبل لم يقبل بخلق القرآن ، فدخل السجن ، وعذب .

لذلك الأمة في حاجة لمن يدفع ثمن مبدئه غاليا ، ولو أن كل إنسان أخذ بالرخص فلن نجدد في الأرض بطولات إطلاقاً .

فهناك نصر مبدئي ؛ بأن يموت الإنسان على مبدئه صراحة ، ولم يساوم عليه .

مرة كنت في بلد إسلامي ، تركيا ، وذكرت هذه القصة ، وقلت : أما الأول ، للتقريب ، أعطي مائة ألف دولار، وأما الثاني فأعطي مائة ألف ليرة تركية ، في الأجر ليس كالأول ، الأول ضحى بحياته من أجل مبدئه ، وكل شيء له ثمن ، وكل شيء له حساب عند الله عز وجل .

أيها الإخوة الكرام ، درس بدر وحنين ، تقول : الله يتولاك ، تقول : أنا ، يتخلى عنك ، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم ، وفي كل ساعة ، وفي بيوتنا ، وفي أعمالنا ، وفي حرفنا ، وفي مواجهتنا لمن نخافهم ، قل : الله ، فإن الله يتولاك .



? قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ?

( سورة الشعراء ) .



قصص القرآن قوانين سارية في كل زمان ومكان :



لا أمل ، فرعون من ورائهم ، والبحر من أمامهم ، فرعون بطغيانه وجبروته وحقده ولؤمه وقوته وراءهم ، والبحر أمامهم .



? قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ?

( سورة الشعراء ) .

لذلك الله عز وجل يقلب القصص القرآنية إلى قوانين ، سيدنا يونس وهو في بطن الحوت :

? فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ?

( سورة الأنبياء ) .

إذًا : أول نصر استحقاقي ، والثاني تفضيلي ، والثالث مبدئي ، فالإنسان لا يعدم أن ينتصر نصرا مبدئيا ، هذا بإمكانه .



لا للإحباط وسوءِ الظن بالله :



شيء آخر :



] مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ (15) [

( سورة الحج ) .

عنده وهم خاطئ ؛ أن الله لا ينصره ، وقد يقع الإنسان في سلسة إحباطات يتوهم أن الله لن ينصره ، فيسيء الظن بالله .



] الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ (6) [

( سورة الفتح ) .

وأقول لكم بكل صراحة : إن بعض المسلمين وقعوا في الإحباط واليأس ، ولذلك هناك امتحانان صعبان :

الامتحان الأول : أن يقوِّي اللهُ الكافر حتى يقول ضعاف الإيمان : أين الله ؟ وأحيانا يظهِر الله آياته حتى يقول الكافر : لا إله إلا الله .

نحن الآن في الامتحان الأول ، وهو صعب جداً ، الطرف الآخر قوي ومتغطرس ، ويفعل ما يقول ، فبعض المؤمنين ضعفوا :



? وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ? .

( سورة آل عمران ) .

إذن النصر التفضلي والنصر المبدئي والنصر الاستحقاقي وموضوع بدر وحنين ، تقول : الله ، يتولاك ، تقول : أنا ، يتخلى عنك



والموضوع الثاني : أُحُد وحُنين ، في أُحد كانت المعصية سلوكية ، وفي حنين كان الشرك الخفي ، الصحابة الكرام وفيهم رسول الله لم ينتصروا ؛ لأنهم قالوا : لن نغلب من قِلة ، هذه بعض موضوعات النصر ، لأن الله عز وجل هو النصير ، ولا نصير سواه



? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ? .

( سورة محمد الآية : 7 ) .

أي تدفعوا ثمن النصر إيمانا يحمل على طاعته وإعدادا للقوة المتاحة .





من لوازم نصر الله للمؤمنين :



أيها الإخوة الكرام لازلنا مع اسم الله ( النصير ) ، والمسلمون اليوم في أشد الحاجة إلى أن ينتصروا على أعدائهم ، وما أكثرهم .

ولكن كما بينت في لقاء سابق أن الله سبحانه وتعالى يقول :


? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ? .

( سورة محمد الآية : 7 )

النصر بيد الله :



? وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ? .

( سورة الأنفال الآية : 10 ) .

النصر الذي نتمناه له ثمن ، إن دفعنا ثمنه وصلنا إليه ، لذلك الله عز وجل يبين أن المؤمن الذي يحمله إيمانه على طاعة الله يحقق أحد شَرطي النصر .



شروط النصر : الإيمان والإعداد :



وللنصر شرطان كل منهما شرط لازم غير كاف ، فلابد من الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، ولابد من الإعداد ، لقوله تعالى :

? وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ? .

( سورة الأنفال الآية : 60 ) .



حقيقة الأخذ بالأسباب :





ويمكن أن ينسحب هذا على شئون حياتنا ، التفوق في العمل يحتاج إلى الأخذ بالأسباب ، ويحتاج إلى التوكل على الله ، وكلاهما شرط لازم غير كاف ، لذلك المسلمون في معظمهم لا يأخذون بالأسباب ، بل يتوكلون توكلا لا يرضي الله ، سماه العلماء التواكل ، وإذا أخذ بعض الناس بالأسباب وألّهها ، ونسي الله ، واعتمد عليها فقد أخطأ السبيل ، فكأن الطريق الأمثل أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، ومن السهل أن تأخذ الموقف الحاد ، أن تأخذ بها وتنسى الله ، أو أن تتواكل على الله ، ولا تأخذ بالأسباب ، هذا درس بليغ ، بل إن بعض المعاصرين يصفون كل إنجاز معركة ، معركة مع العمل ، مع الإنتاج ، مع التنمية ، فكلمة معركة تأخذ معنى واسعاً جداً ، إن أردت أن تنتصر في أي معركة حقيقة أو مجازاً فلابد أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، هذا حق وهذا قانون .

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ )) .

[ أبو داود]

أن نستسلم ، أن نيئس ، أن نحس بالإحباط ، أن نقول : انتهينا ، هذا نُلام عليه ، هذا يأس ، واليأس كفر ، هذا تشاؤم ، والتشاؤم ليس من صفات المؤمن ، لذلك لابد وأن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وبعدها تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .

بأوسع معاني المعارك ، معارك قتالية ، معارك التنمية ، معارك البناء ، سمِّ أي قضية أو مشكلة في حياة المسلمين معركة ، والانتصار في هذه المعركة يحتاج إلى شرطين ، كل منهما شرط لازم ليس كاف ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، وكأن الطريق الأمثل طريق ضيق عن يمينه واد سحيق وعن يساره واد سحيق ، إنك إن أخذت بالأسباب ، ونسيت الله ، واعتمدت عليها ، وألهتها وقعت في واد الشرك ، وهناك تأديب من الله ، على من اعتدّ بغير الله ، " ما من مخلوق يعتصم بمخلوق أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هويا بين قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه ، وما من مخلوق يعتصم به من دون خلقه فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا " .



إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ



إذَا : المنهج الأمثل في كل معاركنا بدءًا من معركتنا مع أنفسنا ، وانتهاء بمعركتنا مع قوى الشر في الأرض ، تحتاج إلى شرطين ، كل منهما شرط لازم غير كاف ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .

[ أبو داود]

اليأس الإحباط هذا يلام عليه أشد اللوم .

ولكن عليكم بالكيس ، خذ الأسباب ، فإذا غلبك أمر إن أخذتها ، وبذلت الجهد في الأخذ بها ، واستقصيتها ، ثم لم تنجح ، عندئذ نسمي هذا قضاء وقدر ، عندئذ نقول : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا يجوز أن نقول : حسبنا الله ونعم الوكيل إلا بعد أن نستنفذ الأخذ بالأسباب .

الطالب يريد أن يقدم امتحانا ، لكن لا يحضِّر للامتحان ، ثم لا ينجح ، ويقول : هكذا أراد الله ، هذه مشيئة الله ، هذا كلام باطل ، أما حينما يدرس بأقصى ما يستطيع ، ثم يحول حائل بينه وبين أداء الامتحان يقول عندئذ : حسبي الله ونعم الوكيل .

أنا أضع يدي على أخطر قضية في حياة المسلمين ، هي التواكل ، فلذلك النصر ثمنه هذا ، الأخذ بالأسباب ، والتوكل على رب الأرباب .

لكن أيها الإخوة ، يحضرني في هذا الموضوع حديث شريف :

عَنْ أَنَسٍ قَالَ :

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، آمَنَّا بِكَ ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )) .

[ الترمذي ]
هذا الحديث يحتاج إلى شرح ، فالله عز وجل جعل قلب الإنسان بيده ، يملؤه أمنا ، أو يملؤه خوفا ، يملؤه سعادة ، أو يملؤه ضيقا وانقباضا ، ما الناظم لهذا ؟ أراد الله أن يعلمه إن اتخذت قرارا صحيحاً سليما في التوبة إلى الله ، والصلح معه ، وطاعته يملأ الله قلبك رضى وسعادة ، وتفاؤلاً وسروراً ، وكأن الله بارك لك هذا القرار ، وأعانك عليه ، والدليل :



] حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) [

( سورة الحجرات ) .

أي قرار صائب يجد له انشراحا .





] أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [

( سورة الزمر : من الآية 22 )

فأيّ قرار خاطئ في المعركة معه كآبة وضيق :



? وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ? .

( سورة طه ) .



تبعات القرار الصائب والقرار الخاطئ :





هذه معاونة من الله عز وجل ، القرار الحكيم معه سرور ، معه انشراح ، معه راحة نفسية ، معه طمأنينة ، معه إقبال ، معه تألق ، والقرار الخاطئ معه انقباض معه تشاؤم معه كآبة ويكاد يكون مرض العصر الكآبة ، من إعراض الناس عن الله عز وجل ، بل إن كل ما يعانيه البشر من ضياع وتفلت وتشاؤم وإحباط هي أعراض لمرض واحد ، هو الإعراض عن الله :



? وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ? .

( سورة طه ) .



كلُّ قوي جبّار بيد الله القوي الحبّار ، فلا تخش أحدًا إلا الله :



الآن ما علاقة هذا الحديث بالنصر ؟ هذا الذي تراه قوياً ، هذا الذي تراه طاغية قلبه بيد الله ، كشاهد على هذه الفكرة .

الإمام الحسن البصري من كبار التابعين ، وقد أدى أمانة العلم ، وبيّن ما ينبغي أن يبيّنه ، كان في عهد الحجاج ، وكان الحجاج كما تعلمون ، بلغه ما قاله فيه الحسنُ ، فقال لجلسائه : " يا جبناء ، والله لأرينّكم من دمه " ، وأمر بقتله ، القضية سهلة جداً ، وجاء بالسياف ، وأمر بإحضاره ليقطع رأسه أمام مَن حوله ، جيء بالحسن البصري ، ودخل على الحجاج ، ورأى السياف ، ومد النطع ، وانتهى كل شيء ، فحرك شفتيه ، فإذا بالحجاج يقول له : أهلا يا أبا سعيد ، أنت سيد العلماء ، ومازال يدنيه ، ويقربه حتى أجلسه على سريره ، واستفتاه في موضوع ، وقد تروي الرواية أنه عطّره ، وأكرمه ، وشيعه إلى باب قصره ، من الذي صعق ؟ الحاجب ، تبعه الحاجب ، قال : يا أبا سعيد ، لقد جيء بك لغير ما فعل بك ، فماذا قلت لربك ؟ قال : قلت له : " يا ملاذي عند كربتي ، يا مؤنسي في وحشتي ، اجعل فتنته علي بردا وسلاما كما جعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم " .

هذا الذي تخافه قلبه بيد الله ، هذا القوي الذي يتمنى إفناءك قلبه بيد الله ، قد يملؤه الله هيبة منك ، إذًا الله نصير ، لأن قلوب الذين حولك بيد الله عز وجل ، ألم يقل أحد الأنبياء :



? فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ? .

( سورة هود ) .

متحدياً لهم :



? إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ? .

( سورة هود ) .

هذه الآية وحدها تكفي :



? مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ? .

( سورة هود ) .

لذلك :

(( إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )) .

[ الترمذي ]
أولا : يملأ الله قلبك انشراحا وسعادة وطمأنينة حينما تتخذ قراراً صواباً ، ويملأ الله ، القلب خوفاً وقلقاً وضيقاً وتشاؤماً وكآبة حينما تتخذ قراراً مخطئاً ، إذًا : الله أعاننا بهذا .

إن قلبَ الذي تخافه بيد الله ، يملؤه هيبة لك ، ومن هاب الله هابه كل شيء ، يملؤه رغبة في معاونتك ، فإذا كان الله معك خدمك أعداؤك ، وإذا كان الله عليك تطاول عليك أقرباؤك ، يا رب ، ماذا فَقَد مَن وجدك . وماذا وجد من فقدك ؟

إذاً : قلوب الذين تخافهم بيد الله ، إذًا : هو النصير .



من لوازم معية الله الدائمة للمؤمنين :





] وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ [

( سورة الحديد ، من الآية 4 )

لكن الشركاء يمكن أن لا يكونوا معك في وقت حرج ، وهو معكم في السماء ، وأنت في الطائرة ، وفي الأرض ، وفي البحر ، وفي بيتك ، وفي الفلاة ، وفي مكان ما فيه اتصالات ، الإنسان معه هاتف جوال ، يكون بأمسّ الحاجة إليه فلا يجد تغطية ، أما أنت فمع الله دائما ، وهو معكم بعلمه .



] وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ [

قال العلماء : " معكم بعلمه " ، فإذا كنت مؤمناً فإن الله مع المؤمنين ، ومعكم بتوفيقه وحفظه ، وتأييده ونصره ، لذلك فرق العلماء بين المعية العامة ، والمعية الخاصة ، فالمعية العامة هو معكم بعلمه ، والمعية الخاصة هو معكم مؤيداً وموفقاً ، وحافظاً وناصراً .

لذلك : الله عز وجل موجود ، إن دعوته فهو موجود ، والإنسان لا يمكن أن يدعو جهة لا يؤمن بوجودها ، يكون أحمق ، لمجرد أن تدعوه وتقول : يا رب ، إذًا هو موجود .

الشيء الثاني : هو يسمعك إذا تكلمت ، ويراك إذا تحركت ، ويعلم ما في قلبك إن أضمرت ، يسمع ويرى ، ويعلم ، لا يحتاج إلى وصي ، ولا إلى سند ، ولا إلى براءة ذمة ، الله يعلم ، ويرى ، ويسمع ، ويعلم ، التعامل معه سهل جداً ، لذلك قال بعضهم : الحمد لله على وجود الله ، يراك إن تحركت ، ويسمعك إن تكلمت ، ويعلم ما في نفسك إن سكت ، إذًا : موجود ويعلم .

الشيء الثالث : وهو على كل شيء قدير ، بيده كل شيء ، كن فيكون ، زل فيزول :

(( يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )) .

[ مسلم عن أبي ذر ]

ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام .

كن فيكون ، زل فيزول ، الآن دققوا :

(( إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ )) .

[ مسلم عن أبي ذر ]

قال تعالى :



] وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) [

( سورة الشورى ) .

(( ما من عثرة ، ولا اختلاح عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر )) .

[ ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن البراء بسند فيه مقال كبير ]

إذًا : هو معكم بعلمه ، وإن كنتم مؤمنين فهو معكم بتوفيقه وحفظه ، وتأييده ونصره .

الله موجود ، ويسمع إذا نطقتم ، ويرى إن تحركتم ، ويعلم ما في القلب إن أضمرتم ، وهو على كل شيء قدير .



من معاني ( النصير ) التي قد تخفى على بعض الناس :



هناك حالات لبعض الأطباء ربطوها بالخرافات ، لكنهم أهملوها ، الآن هناك بحوث حديثة جداً عن الشفاء الذاتي ، يكون المرض عضالا قد أجمع الأطباء على أنه لا شفاء له ، فيشفى الإنسان ذاتياً ، وعندما يصدق الإنسان أن الله بيده كل شيء ، وأن الله على كل شيء قدير ، أحياناً يستجيب له استجابة لا تصدق .

والله لي صديق أصيب بورم خبيث في رئتيه ، أخذت عينات إلى كل المخابر ، الورم من الدرجة الخامسة ، ولا أمل إطلاقاً ، ثم في النهاية شفاه الله عز وجل ، والقصة من اثتنين وعشرين سنة ، والآن حي يرزق لا يشكو من شيء ، والخزعات أخذت إلى بريطانية ، أدق الفحوص أجريت له ، وأمهر الأطباء عالجوه ، وقالوا : لا أمل ، لكن هناك شفاء ذاتي .

فلذلك ( النصير ) قد ينصرك على المرض ، وقد ينصرك على العدو ، وقد ينصرك على كل معركة تخوضها بأوسع معاني المعارك ، فهو نعم المولى ونعم النصير .

أيها الإخوة ، حينما تدعو الله عز وجل ، وتقول : يا ناصر انصرني ، يا نصير انصرني ، هو موجود ، ويسمع ، ويقدر ، ويحب أن يرحمك ، ولن تدعو جهة إلا إذا أيقنت بوجودها وعلمها ، وقدرتها ورحمتها ، لذلك قال تعالى :



] قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فقد كذبتم (77) [

( سورة الفرقان)



الله أكبر من كل شيء ، فلا تقطع الأمل مهما حدث :





حينما تقول : الله أكبر ، فهو أكبر من كل قوي ، أكبر من كل جبار ، قال تعالى :



? قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ? .

( سورة الشعراء )

فرعون بحقده وجبروته ، وأسلحته وجيشه يتبع شرذمة من بني إسرائيل مع سيدنا موسى ، وصلوا إلى البحر ، لا أمل للنحاة ، انتهى الأمل ، الأمل صفر ، قال تعالى :



? قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي ? .

( سورة الشعراء )

وسيدنا يونس ، وهو في بطن الحوت الأمل صفر ، والإنسان يمكنه أن يقف على فم الحوت على قدميه ، ويمكن أن تقف في فمه ، ووجبته الغذائية أربعة أطنان ، والإنسان وزنه ثمانين كيلوًا ، قال تعالى :





] أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) [

( سورة الأنبياء)

وأروع ما في الآية أن الله قلب القصة إلى قانون ، قال تعالى :



? وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ? .

( سورة الأنبياء ) .

في كل عصر ، في كل مصر ، في كل زمان ، في كل مكان ، في الجو ، في الأرض ، طائرة تحطمت فوق جبال الألب ، وانشقت ، ووقع بعض ركابها ، ونزل على غابة أرز في جبال الألب مغطاة بخمسة أمتار من الثلج ، فكان هذا الثلج وهذه الأغصان ماصات للصدمة ، فنزل واقفاً من أربعين ألف قدم .

إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟

إذًا : تقول : الله أكبر ، أقوى من كل قوي ، زلزال تسونامي يساوي والكلام من موقع معلوماتي دقيق جداً ، يساوي مليون قنبلة ذرية ، الله عز وجل قوي ، فإذا كنت مع القوي حفظك القوي ، فهو نعم المولى ، ونعم النصير.

أيها الإخوة ، المعركة تحتاج إلى معلومات ، وإذا كنت مع الله ، فهو يعلم ماذا يخطط لك أعداؤك ، لذلك يلهمك خطة تحبط خططتهم ، أنت أقوى إنسان إذا كنت مع الله ، إذا أردت أن تكون قويا فادع الله سبحانه وتعالى ، فالدعاء سلاح المؤمن ، لكن الدعاء يحتاج إلى عمل ، والذي يدعو الله ولا يعمل يستهزئ بالدعاء ، قال سيدنا عمر لرجل :<< ماذا تفعل هنا يا أخا العرب مع هذا الجمل الأجرب ؟ قال : أدعو الله أن يشفيه ، فقال له : هلاّ جعلت مع الدعاء قطرانا >> .

العدو قد يكون قويا ، لكن الله أقوى ، والله أكبر ، قد يكون العدو يخطط ، دقق في الآية :



] وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) [

( سورة إبراهيم )

إله عظيم يصف مكر الكافرين بأن مكرهم تزول منه الجبال ، يقول لك بعد قليل :

? وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ? .

( سورة آل عمران الآية : 120 ) .

خالق الكون ، كلام رب العالمين ، كل آلاتهم ، كل أسلحتهم ، كل أموالهم ، كل أقمارهم الصناعية ، كل حاملات طائراتهم ، قال تعالى :



? وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ? .

( سورة آل عمران الآية : 120 ) .

والآن يقول أحد أكبر الموظفين في البنتاجون : لا تجرؤ دولة في الأرض أن تحاربنا ، ماذا نفعل بهذه الأسلحة ؟ ولكن هذا الذي أراد أن يموت ماذا نفعل به ؟ أقضَّ مضاجع أهل الأرض ، هذا الذي أراد أن يهز أركانهم ، ويقدم حياته رخيصة لهذا الهدف .

أيها الإخوة ، لو أن إنسانا انتصر لإنسان ، قال تعالى :



] إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ (14)[

( سورة فاطر ) .

والإنسان من شأنه أنه ليس معك دائماً ، قد تكون في أمسّ الحاجة إليه ، فيكون هاتفه مشغولا ، أو خارج التغطية أ أو تعطل ، إن اعتمدت على مخلوق فقد لا يسمعك ، وإذا سمعك قد لا يستجيب لك ، وأحياناً يتجاهلك ، لذلك :

كن مع الله تر الله معك واترك الكل وحاذر طمعك

وإذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك

***

هذه ملة طه فخذ بها .

أطع أمرنا نرفع لأجـلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحـبنـــا

و لذ بحمانا واحـتــم بجنابنا لنحميك مما فيه أشرار خلقــنــا

و عن ذكرنا لا يشغلنك شاغـل و أخلص لنا تلقَ المسرة والـــهنا

***

نعم المولى ونعم النصير ، كن مع الله ولا تبال ، والله عز وجل يحب أن ينصرنا ، لكنه يطالبنا أن ندفع ثمن النصر .



زبدة القول :



ملخص هذا اللقاء الطيب ، الطاعة مع الصبر سبيل إلى النصر ، أما المعصية مع الصبر فليس بعدها إلا القبر .



والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://aslmk.asiafreeforum.com
 
من أسماء الله الحسنى النصير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أسماء الله الحسنى الطيّب
» من أسماء الله الحسنى الإله
» مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر
» من أسماء الله الحسنى الجميل
» من أسماء الله الحسنى المُعطي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بستان العارفين :: المنتديات الاسلاميه :: أسْماءُ الله الحُسْنىَ-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» المصحف الإلكتروني
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:15 am من طرف ebrehim

» الحذيفى
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:01 am من طرف ebrehim

» يحي حوى
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:00 am من طرف ebrehim

» يا رسول الله هلكت
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:05 pm من طرف ebrehim

» رأيت بياض خلخالها
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:04 pm من طرف ebrehim

» أرم فداك أبي وأمي
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» ثلاث من كن فيه فهو منافق
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» آمنت بالله وكذبت البصر
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:01 pm من طرف ebrehim

» إبليس يضع التراب على رأسه
من أسماء الله الحسنى  النصير     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:00 pm من طرف ebrehim

المواضيع الأكثر نشاطاً
المصالـح اليهودية
إعجاز آيات القرآن الترتيب المُحكم لأ رقام الآيات
أعداد الجماعات اليهودية وتوزُّعها في العالم حتى الوقت الحاضر
أساليب المشركين في محاربة الدعوة
نحن على ابواب شهر محرم فاكثروا فيه الصيام
[دعاء مؤثر] ياصاحبي فـي شدتي
ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها
صور متحركه
شروط لا إله إلا الله
برنامج افاست avast.AV.Pro.5.1.889+الكراك مدى الحياة الخميس ديسمبر 01, 2011 2:27 am

شريط الإعلانات ||

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ____________(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ..........منتديات الكوثر العالميه
الساعة الأن بتوقيت القاهره)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات بستان العارفين
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://orchard.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد