منتديات بستان العارفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بستان العارفين

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ

 

 مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ebrehim
Admin
ebrehim


عدد المساهمات : 1170
تاريخ التسجيل : 18/03/2011

مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Empty
مُساهمةموضوع: مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر    مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالثلاثاء أغسطس 07, 2012 10:02 pm

مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر

بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



مع اسم من أسماء الله الحسنى : ( الشاكر ) :



1 – ورودُ اسم ( الشاكر ) في القرآن :



أيها الإخوة الأكارم ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم هو : ( الشاكر ) ، فقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضعين ، الموضع الأول قوله تعالى :





] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) [

( سورة البقرة)

والموضع الثاني :





? مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ? .

( سورة النساء ) .



ولم يرد هذا الاسم في السنة المطهرة .



2 – اسم ( الشاكر ) علَمٌ متضمِّن لصفات الكمال :



وهذا الاسم يفيد المدح والثناء ، مراداً به العلمية ، دالاً على كمال الوصفية .



حقائق بين يدَي اسم ( الشاكر ) :



الحقيقة الأولى : الإحسان إلى المخلوق جزاءه دنيوي وأخروي :



أيها الإخوة ، الحقيقة الأولى في هذا الموضوع :

ما من إحسان يقدم إلى مخلوق كائناً من كان أو كائناً من كان ، ما من إحسان يقدم إلى مخلوق عاقل أو غير عاقل إلا سيكافئ الله من أحسن هذا الإحسان في الدنيا أو في الآخرة ، وما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة ، ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تقدِّم عملاً طيباً لأيّ جهة في الأرض ، لأيّ كائن في الأرض ، ثم لا تجد من الله مكافأة ؛ إن في الدنيا أو في الآخرة .

أيها الإخوة الكرام ، هذه الحقيقة الأولى ، لأنك إذا تلقيت معروفاً من إنسان ، ولأنك مؤمن ، ولأنك على شيء من الكمال لا تملك إلا أن تشكره ، لا تملك إلا تبتسم له ، لا تملك إلا أن تمتن له ، لا تملك إلا أن تثني عليه ، فكيف بصاحب الكمال المطلق ؟ فكيف بخالق السماوات والأرض ؟ فكيف بالذي هو صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى .

أيها الإخوة الكرام ، هذه أول حقيقة ، إذا أحسنت إلى مخلوق ما ، كائناً بشرياً أو حيوانا أو نباتًا فهذا الإحسان محفوظ عند الله ، تكافَأ عليه في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة ، ولا يضيع عند الله شيء .

هذه الحقيقة الأولى لهذا الاسم العظيم .



الحقيقة الثانية : كيف يشكرك الله عزوجل ؟



الحقيقة الثانية ، أنت حينما يقدم إليك معروف تشكر بلسانك تقول له : شكراً ، جزاك الله خيراً ، والإله العظيم إذا قدمت إلى أحد عباده معروفاً ، تعرفه أو لا تعرفه ، عرف أو لم يعرف فإنه يشكرك .

سيدنا عمر مرة جاءه رسول من معركة نهاوند ، وحدثه عن المعركة ، ثم قال هذا الرسول : يا أمير المؤمنين ، مات خلْقٌ كثير ، قال : مَن هم ؟ قال : إنك لا تعرفهم ، فبكى عمر ، وقال : وما ضرهم أني لا أعرفهم إذا كان الله يعرفهم .

لا يمكن أن يضيع عند الله شيء ، مهما تصورت العمل قليلا أو صغيرا ، ومهما كانت قيمته تافهة فهو عند الله محفوظ ، وإذا أسدي إليك معروف تشكر بلسانك ، أو تمتن بقلبك ، أو تقدم له مكافأة ، أو هدية أو عمل أو تقدم له خدمة .

هذا الإله العظيم صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى ، كيف يشكرك ؟ جاءت الآية لتبين بالتعبير المعاصر آلية الشكر ، قال تعالى :





] لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) [

( سورة إبراهيم ) .



معنى الزيادة في قوله تعالى : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ



المعنى الأول :



الزيادة إما من نوع الذي قدمته ، قدمت مالاً ، فالله عز وجل شكره لك أن يزيد لك مالك ، قدمت له وقتاً ، شكر الله لك أن يبارك في وقتك ، قدمت له من جهدك ، شكر الله لك أن يسخّر من يقدم لك جهداً ، ومستحيل أن تفعل معروفاً دون أن ترى الجزاء .

أيها الإخوة الكرام ، لو أخذنا المال ، إن قدمت مالاً فالله يشكرك بأن يزيد في مالك ، والآية التي تصدق على كل حالات الشكر :





] لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) [

( سورة إبراهيم ) .

لذلك قال تعالى :



] مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) [



( سورة البقرة) .

عبدي : (( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .

[ ابن ماجه عن أبي هريرة ]

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .

[ الطبراني في المعجم الكبير والأوسط بسند حسن عن أبي هريرة ]



الله يعلم المحسن ويخلف عليه مالَه :



لكن لاحظ الإنسان لما يذهب إلى مريض ؛ دون أن يشعر هو حريص حرصاً بالغاً أن يضع بطاقة في داخل الهدية ليتأكد أنهم إذا فتحوا هذه الهدية ، ويرون مَن الذي أرسل هذه الهدية ، فأنت حريص على أن يعلم مَن قدمت له الهدية أنها منك ، فلا تكتفي أن تعطيها لابنه ، ولا تكتفي أن تضع البطاقة على ظاهر الهدية فقط فتسقط ، بل تضعها في داخل الهدية كي تتأكد أن الذي قُدِمَت له هذه الهدية عرف من أين جاءته ، والله عز وجل يقول :





] وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) [

( سورة البقرة)

طمأنك الله عز وجل أنّ أيّ عمل صالح تقدمه لمخلوق كائناً مَن كان هو في علم الله ، ومع الله لا تحتاج إلى بطاقة ؛ أن هذا العمل من فلان .





] وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) [

( سورة البقرة)

هذه الحالة الأولى ، أنت بحاجة إلى أن تتأكد أن هذا العمل الذي قمت به بعلم الله ، والإنسان كما قال الله عز وجل يحب المال :



] زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (14) [

( سورة آل عمران)

في أصل كيانك فُطرتَ على حب المال ، والبشر جميعاً من دون استثناء يحبون المال ، لكن بعضهم يصرّح ، وبعضهم لا يصرّح ، لكن الذي لا يصرّح هو يحب المال كالذي يصرّح ، هذه جِبِلّة فينا ، ولأننا نحب المال كان إنفاق المال عملاً ثميناً ، لأنك تنفق شيئاً تحبه .

كما تعلمون الإنسان جُبِلَ على طبع ، ومعه تكليف ، طبعه أن يأخذ المال ، والتكليف أن ينفقه ، طبعه أن يبقى نائماً ، والتكليف أن يستيقظ ، طبعه أن يملأ عينيه من محاسن النساء ، والتكليف أن يغض البصر ، طبعه أن يخوض في فضائح الناس ، والتكليف أن يسكت ، فلذلك الله عز وجل يقول لك :





] وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (39) [

( سورة سبأ)

هؤلاء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ألا تكفيهم هاتان الآيتان ، الله يعلم وهو يخلف ، وما نقص مال من صدقة :

(( يا عبدي ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .

[ الترغيب والترهيب بسند صحيح ]

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .

[ الطبراني في الكبير والبزار عن أبي هريرة بسند صحيح ]

(( صدقة السر تطفئ غضب الرب )) .

[ أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس ]

(( الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير )) .

[ الطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف ]

(( باكروا بالصدقة ، فإن البلاء لا يتخطاها )) .

[ الجامع الصغير عن علي بإسناد ضعيف ]

والقصص التي تروى في هذا الموضوع واللهِ لا تعد ولا تحصى ، حتى إن المؤمن ليخجل من الله .

سيدنا عبد الرحمن بن عوف من كبار الصحابة ، كان ذا مال وفير ، مرة بلغه أنه سوف يدخل الجنة حبواً ، قال : << والله لأدخلنها رملاً ، وما عليّ إذا كنت أنفق مئة في الصباح فيؤتيني الله ألفاً في المساء ؟ >> .

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .

أنا أتمنى عليكم أن تسألوا محسنا عما حصل له بعد إنفاق المال ، يا بني ، العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، الإنسان يحرسه الله بالعلم ، لكن المال إذا أنفقته في الحسابات في الآلة الحاسبة يقلّ ، لكن برحمة الله يزيد ، فلذلك نحن قد نغفل في حياتنا حسابات البركة ، فإذا أنفق الإنسان ماله بارك الله له في ماله ، والحد المعقول أنه يرزقه رزقاً سلبياً ، ما هو الرزق السلبي ؟

الحد الأدنى أن يحفظه من أمراض وبيلة ، من ظلم ظالم ، من مصادرات ، من مخالفات ، من بطش الأقوياء ، من تدمير ، من حريق ، من خراب ، هذا رزق سلبي ، وأحيانا الله عز وجل يبارك له في ماله ، فبمال معقول يحقق أهدافا كبيرة جداً ، هذا من مكافأة الله للمحسن ، يحفظه ، ويبارك له في ماله .

أيها الإخوة الكرام ، هذان باعثان لإنفاق المال ، أن الله يعلم ، وأن الله يخلف على المنفق ماله ، أي : يضاعف له هذا المال أضعافاً كثيرة ، وبمكن أن تتعامل مع الله بآيات القرآن الكريم ، ويمكن أن تتعامل معه بطريقة عملية ، فإذا اقتربت منه بنفقة كافأك مكافأة كبيرة .

والله مرة حدثني أخ توفي أحد أقربائه ، فزار أولاده ، وقال لهم : دَيْن أبيكم عليّ ، لكنه لا يعلم كم الدين ، وهذا خطأ منه ، توقعه بعشرات الألوف ، فإذا هو بمئات الألوف أقسم لي بالله أن دفع مبلغا قريبا من أربعمئة ألف ليرة ، بالتمام والكمال ، وحدثني عن قصته في صحن المسجد ، وبكى ، قال : والله بعد أيام جاءني مبلغ من صفقة لبضاعة كاسدة نصيبي من هذه الصفقة المبلغ الذي دفعته .

أحيانا تتعامل مع الله بالتعامل اليومي :



] وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) [

( سورة البقرة)





] وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (39) [

( سورة سبأ)

هذه الحقيقة الأولى ، شكر الله لك ، الله شاكر ، إذا أنفقت من مالك يزيد لك مالك ، وما نقص مال من صدقة .

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .

(( يا عبدي ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .



المعنى الثاني :



المعنى الثاني أيها الإخوة ، أيّ عمل صالح اتجاه أيّ مخلوق ، كائناً من كان هو قرض لله حسن ، وهناك آية قرآنية الذي يقرأها من المؤمنين يقشعر جلده :



] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) [

( سورة البقرة)

الله عز وجل عدّ أيّ عمل صالح ، ولو اتجاه حيوان ، ولو اتجاه نبات ، سقيت نباتا ، هذا العمل يضاعف لك جزاءه أضعافاً كثيرة ، فأنت معرّض كل يوم أن تقرض الله قرضاً حسناً ، هذا معنى دقيق جداً ، الإله العظيم يقول لك : يا عبدي ، أقرضني ، اعتنِ بهذا المخلوق ، أطعم هذا الجائع ، اكسُ هذا العاري ، عالج هذا المريض ، هناك أصحاب حرف مؤمنون يقدمون جزءا من خبراتهم لوجه الله .



أبوابُ العمل الصالح لا تعدّ ولا تُحصى :



حدثني طبيب أسنان جاءته مريضة تحتاج إلى تقويم لأسنانها ، وهي معلمة ، ودخْلها محدود جداً ، والمبلغ فوق طاقتها ، فبعد أن اعتذرت عن متابعة المعالجة للرقم الكبير ناداها ، قال : هل تقبلين هذا التقويم هدية مني ؟ يقسم لي بالله العظيم أنه أمضى ستة أشهر وكأنه في الجنة .

أحيانا هناك مكافأة من نوع ثانٍ ، الله يكافئك بسعادة ، بطمأنينة غير المكافأة المادية ، أنت مفطور على حب وجودك ، وعلى حب سلامة وجودك ، وعلى حب كمال وجودك ، وعلى حب استمرار وجودك .

دققوا أيها الإخوة الكرام ، سلامة وجودك بطاعة الله ، والطاعة الاستقامة ، والاستقامة سلبية ، والاستقامة تسبقها ( ماءات ) جمع ما النافية ، ما أكلت مالاً حرامًا ، ما كذبت ، ما غششت ، كلها ( ماءات ) ، الاستقامة تحقق لك السلامة ، أما كمال الوجود فلا تكفيه الاستقامة ، يحتاج إلى بذل ، بذل من وقتك من مالك ، من خبرتك ، كمال الوجود يحتاج إلى بذل ، إلى عطاء من وقتك ، من مالك ، من خبرتك ، لذلك :



] فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) [

( سورة الكهف )

أضرب مثلا لعلّي أذكره كثيراً : مجنَّد غرّ التحق بقطعة عسكرية ، القطعة جزء من لواء كبير ، أو من فرقة كبيرة على رأسها لواء أركان حرب ، هذا الجندي الغر لا يستطيع الدخول على هذا اللواء الكبير بحكم التسلسل العسكري ، هناك سبعة أمامه ، وسبعتان ، عريف أول ، و ثمانية ، وثمانيان ، ونجمة ونجمتان ، وتاج ونجمتان ، لكن هذا المجند الغر الذي التحق منذ التطوع بإمكانه أن يدخل على اللواء من دون إذنٍ إذا وجد ابنه يسبح ، وكان يغرق فألقى بنفسه في الماء وأنقذه ، فهْمكم كفاية .

إذا خدمت إنسانا ، أطعمت جائعا ، كسوت عاريا ، لبَّيت حاجة إنسان ، أنت موظف ، جاءك مراجع من محل بعيد ، ونفقة الإقامة غالية جداً ، وجمدت أعمالك كلها وخدمته ، مستحيل أن يضيع هذا عند الله ، فلذلك صنائع المعروف تقي مصارع السوء .

أيّ عمل تقدمه لأيّ مخلوق يعدّ قرضاً حسناً لله عز وجل :

] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) [

( سورة البقرة)

أنت معرّض كل يوم إلى تلبية حاجات الناس ، سائل سألك ، مريض استعان بك ، إنسان ضال في الطريق قال لك : أين بيت فلان ؟ وهو غريب ، فأَعَنته على الوصول إلى البيت ، والقصص والله لا تعد ولا تحصى .

إنّ الذين تعاملوا مع الله ذاقوا من الله المكافأة ، المكافأة النفسية ، والمكافأة المادية بالعطاء ، لذلك حينما يكون الإنسان محسناً ، وتأتيه الخيرات من كل جانب هذا بسبب إحسانه ، وأنت مهمتك في الحياة أن تعبد الله ، ثم أن تشكره ، لأنك إن عبدته فسوف تأتي الخيرات من كل جانب .

] بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) [



( سورة الزمر )

تنتهي مهمتك أن تعبده العبادة الصحيحة ، الصادقة ، والعبادة الصحيحة الصادقة جزء منها العمل الصالح ، والكلام الدقيق : حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .

اسأل نفسك : ماذا قدمت للأمة ؟ إذا قدمت لها صناعة متقنة ، صار عملك عبادة ، لذلك قالوا : العمل الذي ترتزق منه إذا كان في الأصل مشروعاً ، وسلكت به الطرق المشروعة ، وابتغيت منه كفاية نفسك وأهلك ، وخدمة الناس عامة ، والمسلمين خاصة ، هذا العمل الحرفي المهني لم يشغلك عن طاعة ، ولا عن أداة صلاة ، ولا عن طلب علم ، انقلب على عبادة ، لذلك المؤمن عاداته عبادات ، والمنافق عباداته سيئات ، عباداته الخالصة ، صلاته يرائي بها ، المؤمن عاداته وأحواله المعيشية ، جاء بطعام لبيته ، أخذ أهله إلى نزهة ، تسجل عند الله عبادة ، لأن هدفه إرضاء الله عن طريق خدمة عباده ؟



خاتمة :



فلذلك أيها الإخوة الكرام ، أي عمل صالح يقدم لأي مخلوق كائناً من كان هو عند الله قرض حسن لله .

إذا قال ملِكٌ ، أغنى ملوك الأرض لمواطن فقير : أقرضني مئة ليرة ، ماذا تفهم منها ؟ أراد أن يعطيه بيتاً ، بيتا كاملا ، أراد أن يكون لهذا العطاء سبب ، أقرضني مئة ليرة ، هل هذا القرض حقيقي ؟ أم أراد من هذا القرض أن يمتحن محبته ، وأن يكافئه على هذا القرض بمنزل فخم جداً هدية .

] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) [

( سورة البقرة)

أحياناً يكون العمل صغيرا أمامك ، تبسمتم في وجه موظف عندك ، فقط ابتسامة ، سألته عن أحواله : كيف حالك يا بني ؟

هناك موظف عبوس قمطرير ، يدخل إلى مكتبه له هيبة وكهنوت ، وهناك مدير عام متواضع ، فإذا ابتسمت في وجه من يعمل معك ، إذا ابتسمت في وجه خادم عندك ، سألته عن صحته ، تبسمك في وجه أخيك صدقة ، أن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة ، مهما توهمت العمل صغيراً فهو عند الله كبير .

جاء أعرابي النبيَّ عليه الصلاة والسلام ، قال : يا رسول الله ، عظني ولا تطل ، تلا عليه النبي عليه الصلاة والسلام فقرة من سورة :

] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [ ، قال : كُفيت ، فقال عليه الصلاة والسلام : فَقُه الرجل ، أي صار فقيها ما قال : فَقِهَ ، فَقِهَ عرف الحكم ، قال فَقُه ، يعني أصبح فقيهاً .



معان دقيقة مستنبطة من آيات وأحاديث تتعلق باسم ( الشاكر ) :



أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في اسم ( الشاكر ) ، وهناك معان دقيقة تتصل بهذا الاسم يمكن أن نستشفها من بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الصحيحة .



1 – ذكرُ اللهِ للعبدِ إذا ذكره :



ففي قوله تعالى :



] فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) [

( سورة البقرة )

لأن الله سبحانه وتعالى هو الشاكر ، إن ذكرته ذكرك ، لكن ذكر الله لك غير ذكرك له ، ذكر الله لك أكبر من ذكرك له ، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية .



2 – ذكرُ العبدِ لربه سبب الأمن والطمأنينة :



لكنه إن ذكرك منحك نعمة الأمن ، قال تعالى :



? فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ? .

( سورة الأنعام ) .

لا يتمتع بنعمة الأمن الحقيقي إلا المؤمن ، أما غير المؤمن فـ :



? سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ ? .

( سورة آل عمران الراية : 151 ) .

يمتلأ قلب المشرك خوفاً وفرقاً ، بينما قلب المؤمن يمتلأ أمناً وطمأنينة ، وفي قلب المؤمن من الأمن ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم ، إنها نعمة يختص بها المؤمنون ، إن ذكرته ذكرك ، لكن ذكرك له أداء واجب العبودية ، بينما ذكره لك أكبر بكثير من ذكرك له .



3 – ذكرُ العبدِ لربه سبب للرضى :



إن ذكرك منحك نعمة الرضى .

قد يملك الإنسان ملايين مملينة ، ومع ذلك هو ساخط ، بينما المؤمن راض عن الله عز وجل .



] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (22) [

( سورة المجادلة ) .



منحك نعمة الحكمة :



]وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269)[

( سورة البقرة)

منحك نعمة الطمأنينة ، هذه النعم هي من ذكر الله لك .



4 – ذكرُ الله أكبر من كل شيء :



لذلك قال تعالى :





? وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء َالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ? .

( سورة العنكبوت الآية : 45 ) .

ذكر الله لك في الصلاة أكبر من ذكرك له ، لأن الله عز وجل من أسمائه الحسنى أنه الشاكر ، إن ذكرته ذكرك .



5 – الله رفع ذكر النبي ، ولكل مؤمن من هذا الرفع نصيبٌ :



بل قال تعالى :



] وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) [

( سورة الشرح )

ما من إنسان على وجه الأرض رفع الله ذكره كرسول الله ، ولكل مؤمن من هذه الآية نصيب ، بقدر استقامته وإخلاصه يرفع الله للمؤمن ذكره ، ويعلي قدره ، ويلقي في قلوب الخلق محبته .



] وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) [

( سورة الشرح )

6 – تقرّب المؤمن بذكره لربَّه سبب لتقرّب الله منه :



لمجرد أن تقترب من الله خطوة تجد أن الله عز وجل اقترب منك ، لأنه الشاكر يقترب منك ، مع بعض التفصيل في الأحاديث الصحيح :

(( فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ)) .

[ متفق عليه ]

قد تلقي كلمة في مجتمع معين ، في مجموعة إخوة كرام ، في عقد قران ، في سهرة ، في لقاء ، تتحدث عن الله عز وجل وتغفل نفسك ، وتغفل بطولاتك ، وتتحدث عن ربك .

(( وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ )) .

[ متفق عليه ]

هناك مستوى أرقى ؛ تذكر بخير ، لك سمعة طيبة ، لك ذكر عطر ، هذا من فضل الله عز وجل عليك ، ومن تحقيق اسم ( الشاكر ) .

(( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا )) .

[ متفق عليه ]

لمجرد أن تتحرك نحو الله بصلح ، بتوبة ، بإنابة ، بذكر ، بصدقة بتلاوة قرآن ، بفعل طيب مع مخلوق ما ، لمجرد أن تتقرب إلى الله شبراً يتقرب الله إليك ذراعاً ، ينتظر مبادرة منك ، ينتظر حركة منك ، ينتظر التفافة منك ، ينتظر إقبالاً منك ، وهذا الشيء واضح جداً ، لمجرد أن تتحرك نحو الله بعمل صالح ، بصيام نفل ، بصلاة نافلة ، بغض بصر ، بضبط لسان ، بخدمة إنسان ، بإطعام جائع بهداية ضال يتقرب الله منك .

(( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )) .

[ متفق عليه ]

فَلَيتَكَ تَحلو وَ الحَياةُ مَريـرَةٌ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ وَبَيني وَبَينَ العـالَمينَ خَرابُ
***



] فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) [

( سورة البقرة )

(( فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )) .

[ متفق عليه ]

هذا ضمن اسم الله ( الشاكر ) .



7 – من شكر الله للعبد إلهام الأبناء برَّهم للآباء :



من معاني هذا الاسم أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : بروا آبائكم تبركم أبنائكم .

يشكر الله لك برك لأبيك بأن يلهم أولادك في المستقبل أن يكونوا بك بررة ، وهذا عطاء في الدنيا قبل الآخرة .



]وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)[

( سورة الرحمن)

فالذي يبر أباه يهيئ الله له أولاداً بررة يطيعونه ، يعظمونه ، يحترمونه ، وهم في خدمته كظله .



8 – عفة الزوج سبب لعفة الزوجة :



وعفو تعف نسائكم والذي يتعفف عن الحرام يكافئه الله بزوجة عفيفة ، كما أنه عف عن الحرام فهي تعف عن الحرام ، لأن الله عز وجل هو ( الشاكر ) ، يشكر لك برك لأبيك بأن يزيدك من فضله عن طريق أولاد بررة هم في خدمتك ، ويشكر لك عفتك عن الحرام بأن يجعل زوجتك عفيفة مثلك عن الحرام ، وعفو تعف نسائكم .

9 – من شكر في صلة الرحم زيادة في العمر وسعة في الرزق :



ومن اسم الله ( الشاكر ) أنه إذا وصلت رحمك زاد في عمرك ونفى عنك الفقر ، لأن الضمان الاجتماعي في الإسلام أساسه النسب والجوار ،و الأحاديث التي توصي بالجار كثيرة جداً ، والأحاديث التي توصي بصلة الرحم كثيرة جداً .



معنى صلة الرحم :



ما معنى صلة الرحم ؟ أقرباءك مَن لهم غيرك ؟ الآخرون أنت لهم ، وغيرك لهم ، أما أقرباءكم فمَن لهم غيرك ؟ لا تعني صلة الرحم أن تطل عليهم في كل عيد دقائق معدودة ، ومعك بطاقة ، وتتمنى أن لا تراهم في البيت لكي توفر الوقت ، ليست هذه صلة الرحم .

صلة الرحم أن تتصل بهم ، وأن تزورهم ، وأن تجلس معهم ، وأن تتفقد أحوالهم ، وأن تمد لهم يد المساعدة ، وأن تأخذ بيده إلى الله عز وجل ، هذه صلة الرحم التي أرادها الله عز وجل ، تبدأ بالاتصال ، ولعله باتصال هاتفي ، ثم بزيارة ، ثم بتفقد أحوال ، ثم مساعدة مادية أو معنوية ، ثم بأن تأخذ بيده إلى الله عز وجل ، هذه صلة الرحم التي تزيد في العمر ، وتزيد في الرزق .



معنى زيادة العمر بصلة الرحم :



معنى تزيد في العمر ، للعلماء وقفة عند هذا المعنى :

الحقيقة العمر لا يتقدم ولا يتأخر ، لكن قيمة العمر بمضمونه ، كإنسان فتح محلا تجاريا من الساعة التاسعة صباحا حتى التاسعة ليلا ، وقت محدود ، الفرق بين محلين ، محل قيمة غلته ألف ، ومحل غلته مليون ، فزيادة العمر تعني مضمون العمر ، قد يعني المضمون كثيف جداً .

الإمام الشافعي عاش أقل من خمسين سنة ، لكنه ترك خيرات لا يعلمها إلا الله ، والإمام النووي عاش أقل من خمسين سنة ، وهناك أناس عاشوا تسعين سنة ، ولم يفعلوا شيئاً .

فلذلك زيادة العمر في رأي بعض العلماء أن العمر قيمته بأعماله الصالحة ، العمر الحقيقي عمر العمل الصالح ، وأتفه أعمار الإنسان عمره الزمني ، لكن أجلّ أعماره عمره في العمل الصالح ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .

[ متفق عليه ]

إن أردت أن ينسأ الله لك في أجلك ، ويزيد في رزقك فصل رحمك ، هذه من الطاعات التي حض عليها النبي عليه الصلاة والسلام ، لأن الله عز وجل شاكر .

لو تتبعنا أحوال الناس فإن الإنسان الذي يتفقد أهله ، ويعين أهله ، وينفق عليهم ، أهله بالمعنى الواسع ، أقرباءه من طرف أبيه ، ومن طرف أمه ، ومعنى الرحم واسع جدا ، كل أقربائك من دون تفصيل ، من جهة أبيك ومن جهة أمك ، لأن الله عز وجل جعل صلة الرحم أحد أنواع الضمان الاجتماعي ، لذلك قال العلماء : لا تقبل زكاة إنسان وفي أقربائه محاويج ، والكلمة التي أقولها دائماً : هؤلاء أقربائك مَن لهم غيرك ، الآخرون أنت لهم وغيرك لهم ، أما أقربائك فمَن لهم غيرك ؟

أحياناً إنسان له أخت متزوجة في طرف المدينة ، ما عنده وقت لزيارتها ، لكن لو أنه زارها ما الذي يحصل ؟ تنتعش أمام زوجها ، أمام أولادها ، لا تنام الليل مِن فرحها ، لذلك هناك أناس يزورون أقرباءهم الأقوياء أو الأغنياء أو اللامعين في الحياة ، أما أقربائهم المساكين فيهملونهم ، ويزورونهم من عام إلى عام .

أيها الإخوة الكرام ، لو طبقنا صلة الرحم لكنا في حال غير هذا الحال ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى أنك إذا أعطيت أقرباءك من مالك ، من مال زكاتك ، فهذه الزكاة لها أجران عند الله ، لك أجر الصدقة ، ولك أجر الصلة ، ألا تحب أن تنال ثواباً مضاعفاً ؟ تفقد في هذا المال الذي هو مال زكاتك ، تفقد أهلك ، بل إن بعض العلماء يؤكد أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل زكاة من مسلم ، وفيه أقربائه محاويج ، والحقيقة في ظاهرة عجيبة عمله الصالح لكل الناس إلى أقربائه ، هؤلاء أقرب الناس إليك ، أنت بعملك الصالح مع هؤلاء تقربهم منك .

والله حدثني أخ زاره قريبه في بيت تحت الأرض ضعيف الشمس ، رطب ، والزائر منعم ، قال له : هذا المكان لا يليق بأولاده من أجل صحتهم ، قال لي : زيارة واحدة نقلني إلى بيت في طابق ثالث باتجاه القبلة ، قال : والله أنعشني ، القصد من الزيارة أن تمد يد العون ، الزيارة دائما أن تمد يد العون ، من القوي إلى الضعيف ، ومن الغني إلى الفقير ، ومن العالم إلى الجاهل ، والأقوى منك ليس بحاجة إليك ، يجب أن تزوره طبعاً ، وهو ليس بحاجة إليك ، مَن هو في حاجة إليك ؟ الذي يكون أضعف منك ، فإذا تراحم الناس يرحمهم الله جميعاً ، أما إذا تدابروا ، وتناكر الناس ، ولم يعبأ أحد بأحد سخط الله علينا جميعاً .

10 – مِن شكرِ الله العبدَ عند توقيره الكبير :



أيها الإخوة في بعض الأحاديث ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ )) .

[ الترمذي ]

وهذا من اسم الله ( الشاكر ) .



11 – من شكر الله العبدَ عند إحسانه إلى المخلوقات :



لكن كما قلت البارحة : أيّ عمل صالح قدِّم لمخلوق كائنا من كان وكائناً ما كان ، كائناً من كان للبشر العقلاء ، وكائناً ما كان لغير البشر ، لمخلوق ، لقطة ، لجرو صغير ، أيّ عمل صالح قدِّم لأي مخلوق كائناً من كان ، أو كائناً ما كان فلابد من أن يجازي الله عليه مقدِّمَه ، مسلما كان أو كافرا ، في الدنيا أو في الآخرة ، ومستحيل أن تقدم شيئا صالحا دون أن تنال الجزاء ، فإن كنت مؤمناً بالله وباليوم الآخر كان الجزاء في الدنيا والآخرة ، وإن كان الإنسان بعيداً عن الله ، مؤمنا بالدنيا ، ولم يؤمن بالآخرة كان الجزاء في الدنيا .

ما أحسن مسلم عمله أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة ، والعمل الصالح لابد أن تنال جزاءه .



12 – من شكر الله العبدَ عند إنفاقه من وقته في طاعة الله :



الذي ينفق يوسّع الله عليه في ماله .

والذي يدعم الضعفاء والمساكين يقوي الله عز وجل مكانته في المجتمع .

والذي يبذل من وقته لخدمة الخلق يبارك الله في وقته ، لذلك الله عز وجل أمرنا أن نؤدي زكاة أموالنا ، ومن منا ينتبه إلى أن الوقت له زكاة ، لمجرد أن تؤدي الصلوات في أوقاتها فقد اقتطعت من وقتك الثمين وقتاً لطاعة الله ، فالمكافأة على ذلك أن الله يبارك لك في وقتك ، فتفعل في الوقت القليل الشيء الكثير.

أحيانا إذا ضن الإنسان بوقته الثمين أن يعبد الله فيه ، أو أن يحضر مجلس علم يتلف الله له وقته ، وقد يشعر الإنسان بعدم التوفيق ، عنده قائمة أعمال ، انتقل من مكان إلى مكان ، أغلق المحل ، يسافر من مكان إلى مكان فلا يتحقق له شيء ، فأراد الله عز وجل له أن يضيع الوقت مع الشعور بالألم ، وهو قادر أن يبارك لك في وقتك ، لذلك الوقت له زكاة ، إن أنفقت بعض الوقت في أداء العبادات ، وطلب العلم ، وطاعة الله يبارك الله لك في وقتك ، وإن أديت شيئاً من وقتك في خدمة الخلق يبارك الله عز وجل لك في جهدك .

حدثني أخ أنه دخل محل إنسان ، في إحدى المحافظات الشمالية ، قال : أنا أريد أن تعلمني صنع هذه الحلوى ، قال : حباً وكرامة ، صنع أمامه طبخة ، وقال له : اكتب عندك التفاصيل ، وكلفه أن يصنع أمامه طبخة ثانية ، والإنسان من محل بعيد من أقصى القطر ، أقسم لي بالله منذ ثلاثين عاماً ما مِن عام إلا ويأتي إليه بهدايا ثمينة ، يقول له : أنت فضلك علي كبير .

هذا الإنسان مؤمن ، وحينما تبذل الله عز وجل يكرمك ، لذلك :

(( مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ )) .

[ الترمذي ]

لأن الله عز وجل هو ( الشاكر ) ، وإن قدّمت لإنسان عادي معروفاً يتفنن في شكرك ، ويبارك هذا العمل ، يقول لك : خجلتنا ، تفضلت علينا ، وخالق الأكوان صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى أيعقل أن تقدم معروفاً في الدنيا أم في الآخرة ولا يشكرك عليه .



12 – من شكر الله العبدَ عند إنفاقه من وقته في طاعة الله :



أيها الإخوة الكرام ، لو قدمت معروفا لكلب ، دققوا في هذا الحديث ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَنَزَلَ بِئْرًا ، فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلَأَ خُفَّهُ ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ، ثُمَّ رَقِيَ ، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ )) .

[ متفق عليه ]

والله لعل الله يرحمنا بخدمة مخلوق ضعيف ، بخدمة هرة مريضة ، وهناك أشخاص يأخذون هذه الحيوانات المريضة إلى مستوصفات بيطرية يعالجونها ، هناك أناس مغرمون بإطعام الحيوانات .

لذلك أيها الاخوة ، حينما تعرف الله تتفنن في خدمة مخلوقاته ، والمؤمن إنسان عظيم ، إنسان اصطلح مع الله ، اصطلح مع خلقه جميعاً ، المؤمن يبني حياته على العطاء يعيش ليعطي :

(( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ )) .



أيّ عمل صالح موجّه لأيّ مخلوق ، هناك أشخاص مغرمون بإطعام الطيور ، يشترون الحب ويضعونه على سطح البيت ، والطيور تأتي تباعاً وتأكل .

فلذلك أيها الإخوة الكرام ، يا من جئت الحياة فأعطيت و لم تأخذ ، يا من قدست الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من زكيت سيادة العقل ، و نهنهت غريزة القطيع ، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع ، فعشت واحداً بين الجميع ، يا من كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك .



12 – من شكر الله العبدَ عند إماطته الأذى عن الطريق :



أيها الإخوة الكرام ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ )) .

[ متفق عليه ]

أحيانا شاحنة كبيرة تقف لإصلاح بعض العجلات ، وتضع حجرا كبيرا وراء العجلة ، ثم تنطلق والحجر قد يسبب دمار أسرة بأكملها ، وهناك إنسان يقف ، ويزيح هذا الحجر ، فيشكر الله لك .

أيها الإخوة ، الله عز وجل هو ( الشاكر ) ، ومن أسماءه أيضا هو ( الشكور ) .





والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://aslmk.asiafreeforum.com
 
مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أسماء الله الحسنى الخلاق
» من أسماء الله الحسنى الأكرم
» من أسماء الله الحسنى القدير
» من أسماء الله الحسنى الرب
» من أسماء الله الحسنى القاهر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بستان العارفين :: المنتديات الاسلاميه :: أسْماءُ الله الحُسْنىَ-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» المصحف الإلكتروني
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:15 am من طرف ebrehim

» الحذيفى
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:01 am من طرف ebrehim

» يحي حوى
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:00 am من طرف ebrehim

» يا رسول الله هلكت
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:05 pm من طرف ebrehim

» رأيت بياض خلخالها
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:04 pm من طرف ebrehim

» أرم فداك أبي وأمي
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» ثلاث من كن فيه فهو منافق
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» آمنت بالله وكذبت البصر
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:01 pm من طرف ebrehim

» إبليس يضع التراب على رأسه
مع اسم من أسماء الله الحسنى  الشاكر     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:00 pm من طرف ebrehim

المواضيع الأكثر نشاطاً
المصالـح اليهودية
إعجاز آيات القرآن الترتيب المُحكم لأ رقام الآيات
أعداد الجماعات اليهودية وتوزُّعها في العالم حتى الوقت الحاضر
أساليب المشركين في محاربة الدعوة
نحن على ابواب شهر محرم فاكثروا فيه الصيام
[دعاء مؤثر] ياصاحبي فـي شدتي
ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها
صور متحركه
شروط لا إله إلا الله
برنامج افاست avast.AV.Pro.5.1.889+الكراك مدى الحياة الخميس ديسمبر 01, 2011 2:27 am

شريط الإعلانات ||

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ____________(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ..........منتديات الكوثر العالميه
الساعة الأن بتوقيت القاهره)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات بستان العارفين
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://orchard.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد