منتديات بستان العارفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بستان العارفين

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ

 

 من أسماء الله الحسنى الجميل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ebrehim
Admin
ebrehim


عدد المساهمات : 1170
تاريخ التسجيل : 18/03/2011

من أسماء الله الحسنى   الجميل     Empty
مُساهمةموضوع: من أسماء الله الحسنى الجميل    من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالثلاثاء أغسطس 07, 2012 10:03 pm

من أسماء الله الحسنى الجميل







بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



من أسماء الله الحسنى : ( الجميل )



أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم ( الجميل ) .

قد ورد هذا الاسم في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فقال رجلٌ : إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً ، قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )) .



ما هو الكِبْر ؟



بالمناسبة ، أيها الإخوة ، لو أن عندك كمية قليلة من اللبن ، وجاءك ضيوف كُثر ، فإنه يمكن أن تضيف لهذا اللبن خمسة أضعافه ماءً من اللبن ويكون شراباً سائغاً ، فتحمَّل هذا اللبن خمسة أضعافه ماء ، لكنه لا يتحمّل قطرة بترول ، فإن أضيفت إليه قطرة واحدة من البترول ألقيتَه وأهرقته ، لأن البترول يتناقض في طعمه مع الماء ، أما الماء فلا يتناقض .

كذلك الكبر يتناقض مع العبودية لله ،

(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ )) .

قال عليه الصلاة والسلام :

(( لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر )) .

[ أخرجه البزار وابن والبيهقي عن أنس ] .

ما الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال :

(( العجب العجب )) .

رُبّ معصية أورثت صاحبها ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً .

لذلك الكبر يتناقض مع العبودية لله عز وجل .

(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فقال رجلٌ : إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً ، قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .



الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس :





أما الكبر فشيء آخر ، بطر الحق أي ردّ الحق ، وغمط الناس ؛ أن تبخسهم مكانتهم ، أن ترد الحق ، أن ترى نفسك أكبر من الحق ، أن تتكبر عن أن تنصاع إلى الحق ، أن تتأبى ، هذه معصية إبليس .



? أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ? .

( سورة البقرة الآية : 32 ) .

فلمجرد أن ترد الحق ، وأن ترفضه ، وأن تتعنت ، وأن يركب الإنسان رأسه ، وأن تأخذ العزة بالإثم ، إذاً : هذا هو الكبر ، ولمجرد أن تحتقر الناس ، وأن تستهين بهم ، وأن ترى نفسك فوقهم ، وتغمط الناس فهذا كِبْرٌ .

المؤمن يعترف بفضل الآخرين ، يعترف بقيمة الآخرين يعترف بإنجازات الآخرين ، هناك من يسلط الضوء على ذاته فقط ، ويضع مَن حوله في التعتيم ، هذا هو غمط الناس ، وتعريف الكبر عند رسول صلى الله عليه وسلم : الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ ـ أي رد الحق ـ وَغَمْطُ النَّاسِ ـ أن تزدري الناس )) .

لذلك ليس من صفات المؤمن أن يزدري أخاه .

(( بِحسْبِ المْرِء مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلمَ )) .

[ رواه الترمذي ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ] .

أن يرى نفسه فوقه .



النبي أشد الناس تواضعا :



من علامات الإيمان التواضع ، دخل على النبي الكريم رجل أصابته رعدة ، من هيبة النبي ، كان عليه الصلاة والسلام له هيبة ، من رآه بديهة هابه ومن عامله أحبه ، فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ :

(( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ ، فَقَالَ لَهُ : هَوِّنْ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ )) .

[ ابن ماجه ]
كان مع أصحابه في سفر ، فأرادوا أن يعالجوا شاة ، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن قال أحدهم : علي طبخها ، والثاني علي سلخها ، وقال عليه الصلاة والسلام :

(( وعلي جمع الحطب )) .

[ ورد في الأثر ]
تواضعاً لله عز وجل .

الحديث دقيق جداً :

(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فقال رجلٌ : إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً ، قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .

الله يحبك أن تكون أنيقا ، ثيابك نظيفة ، ومتعطرا ، شعرك معالج ، يحبك كذلك .

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .



الإنسان مفطور على حب الجمال :



بالمناسبة ، الإنتاج العقلي والشعوري للبشرية لا يزيد على علم وفلسفة وفن ، فالعلم مع هو كائن ، والفلسفة ما يجب أن يكون ، والفن ما هو ممتع ، فمن الفن ما هو مباح ، كأن تكون أديباً ، الأدب جمالي ، التعبير المثير عن دقائق الحياة ، أو أن يكون الفعل جميلاً هو الكمال .

لذلك قالوا : الإنسان فُطر على حب الكمال ، وحب الجمال ، وحب النوال الإنسان يحب الجميل ، فقد يكون الطفل جميل الصورة ، يدع في قلب أبيه تعلقاً شديدا ، وأحياناً يكون العطاء خالصا كريما ، فالإنسان يحب المحسن .

" يا داود ، ذكر عبادي بإحساني إليهم ، فإن النفوس جبلت على حبِّ مَن أحسن إليها " .

والإنسان يحب النوال ، العطاء ، والجمال ، والكمال ، وهذا موقف كامل ، الوفاء والرحمة والتواضع .

أحياناً تقرأ قصة ، أو تقرأ سيرة ، فتجد صحابيا جليلا كان أديباً أدباً جماً ، وقد قيل للعباس : أيّكما أكبر أنت أم رسول الله ؟ عمه العباس ، فقال : << أنا ولدت قبله ، وهو أكبر مني >> .

هناك كلمات رائعة جداً ، وتصرفات رائعة ، وشكل رائع .



1 – ورودُ اسم ( الجميل ) في الحديث الصحيح :



أيها الإخوة ، هذا الحديث ورد فيه اسم ( الجميل ) ، وهو حديث في صحيح مسلم .

ورد هذا الاسم مطلقاً ، منوناً ، مراداً به العلمية ، دالاً على كمال الوصفية ، ورد أيضاً في رواية أحمد في مسند ابن مسعود فيه تفصيل ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلًا ـ أي نظيفًا ـ وَرَأْسِي دَهِينًا ، وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ ، حَتَّى ذَكَرَ عِلَاقَةَ سَوْطِهِ ، أَفَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا ، ذَاكَ الْجَمَالُ ، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ ، وَازْدَرَى النَّاسَ )) .

[ أحمد في المسند ]


2 – الجمال المادي والمعنوي مطلوب ، وليس من الكِبْر :



هذا الكبر ، الأمر واضح تماماً ، الكبر رد الحق ، وازدراء الناس ، بطر الحق وغمط الناس ، أمّا أن تكون أنيقا ، أن يكون بيتك مرتباً ، منظماً ، فيه تناسب ألوان ، أن تكون مركبتك نظيفة ، أن يكون ثوبك حسناً ، أن يكون كلامك فصيحاً ، أن تكون تصرفاتك رائعة ، فهذا هو الجمال :

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .



3 – لابد للمؤمن أن يكون جميلا بالمعنى العام :



دائماً وأبداً أقول لكم : يجب أن تشتق من كمال الله كمالاً يكون هذا الكمال وسيلة للإقبال على الله .



? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

( سورة الأعراف الآية : 180 ) .

تتقرب إلى الجميل الجمال ، تتقرب إلى الرحيم بالرحمة ، تتقرب إلى العدل بالإنصاف ، تتقرب إلى اللطيف باللطف ، تتقرب إلى الكريم بالكرم .

? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

أي تقربوا إليه بأن تتخلقوا بهذا الكمال الإلهي ، هذا محور هذه الدروس .

? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

ما من شيء يقربك من الله عز وجل كأن تكون متخلقاً بكمالات الله .



4 – معنى الجمال :



أيها الإخوة ، الجميل في اللغة مأخوذ من الجمال ، وهو الحُسن في الخَلْق والأخلاق .

نحن كلما ذكرنا الجمال ننطلق إلى تصور جمال الشكل ، لكن أحياناً هناك أعمال وتصرفات تستمع إليها فتبقى شهراً غارقاً في نشوتها .

كما حدثتكم ببعض القصص ، هناك مواقف فيها وفاء ، مواقف فيها رحمة ، مواقف فيها إنصاف ، مواقف فيها حب ، هذه المواقف جميلة جداً ، وقد يكون الذي يفعلها ليس جميلاً .

مثلاً : ورد في صفة بعض التابعين وهو الأحنف بن قيس ، أنه كان قصير القامة ، أسمر اللون ، غائر العينين ، ناتئ الوجنتين ، أحنف الرجل ، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب ، وكان مع ذلك سيد قومه ، إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف ، لا يسألونه فيم غضب ؟ وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شرب ، هذا كمال رائع جداً مع دمامة لا توصف .



5 – ليس الجمال محصورًا في الجمال الجسدي المادي :



لذلك الرجل جماله ، بفصاحته ، جماله في أخلاقه ، جماله في كرمه ، جماله في تواضعه ، جماله في رحمته ، لعل المرأة تتوهم أن كل قيمتها في جمال الجسدي ، وهذا خطأ .



أحاديث مهمة في بيان أهمية جمال الأخلاق :



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ )) .

[ متفق عليه ]
يجب أن نحرر مفهوم الجمال مما تراكم من أذهان الناس أنه جمال الشكل فقط ، هناك مواقف جميلة ، أحيانا تعيش مع امرأة في أعلى درجة من الوفاء ، والحب ، والتفاني والخدمة ، تسعد بها سعادة أيّما سعادة ، وقد يعيش المرء مع امرأة بارعة الجمال يكرهها من أعماقِ أعماق قلبه ، لأن جمال الأفعال من أعلى مستويات الجمال .

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :

(( إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ ، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَنَهَاهُ ، فَقَالَ : تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ )) .

[ النسائي ، أبو داود ]
مودتها تقرّبها من زوجها ، فالجميل مأخوذ من الجمال ، وهو الحسن في الخَلْق والخُلُق ، وكان عليه الصلاة والسلام حسنَ الخَلق والخُلق .

إذا رأى الإنسان صورته في المرآة ماذا يقول ؟ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :

(( اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي )) .

[ أحمد ]
قال بعض الشعراء :

جمال الجسم مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس
***

مرة إنسان جميل الصورة ، أنيق الثياب جداً ، تكلم كلاماً بذيئاً ، فقال له أحدهم : إما أن تتكلم وَفق ثيابك ، أو البس وَفق كلامك ، فالتناسب رائع جداً ، أحيانا إنسان أنيق ، حسن الصورة ثيابه أنيقة ، جميلة لكن كلامه بذيء ، هذا الجمال وهذه الأناقة يناسبهما علم ، يناسبهما كلام منضبط ، لذلك : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ )) .

[ أحمد ]
وبعض العلماء ، منهم الإمام الغزالي عدّ من آفات اللسان أكثر من عشرين آفة ، وعلماء آخرون منهم الشيخ عبد الغني النابلسي عدّ آلاف أمراض اللسان ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ :

(( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ ، وَنَحْنُ نَسِيرُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ ، قَالَ : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ، قَالَ : ثُمَّ تَلَا : ] تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ [ حَتَّى بَلَغَ ] يَعْمَلُونَ [ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ ، وَعَمُودِهِ ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ، قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ )) .

[ أخرجه الترمذي ]

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :

(( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً ، فَقَالَ : لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ )) .

[ رواه أبو داود والترمذي وأحمد ] .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ )) .

[ الترمذي ]
والكلمة الطيبة صدقة ، وقد ترقى بكلمة رقياً لا يعلمه إلا الله ، كلمة تواضع ، كلمة مؤانسة ، كلمة اعتراف بالحق ، هذا كله في ميزان حسنات الإنسان .



من الأخلاق الجميلة :



إذاً : ( الجميل ) مأخوذ الجمال ، وهو الحُسن في الخَلق وفي الخُلق .



1 – الصبر الجميل :



هنالك صبر جميل ، قال تعالى :



? فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ? .

( سورة المعارج ) .

هناك صبر مع الضيق ، مع التوتر ، كأن الإنسان مرجل يغلي ، مع كلام قاسٍ ، الأبواب تخبط ، البلور يكسر ، هذا ليس صبرا جميلا ، يجب أن تصبر صبراً جميلاً :

? فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ? .

1 – الصفح الجميل :



وهناك صفح جميل ، أنا سامحتك ، لا تنس أن كل خيرك من خيري ، لا تسامحه .



? فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ? .

( سورة الحجر ) .

إذا سامحته انتهى كل شيء ، لا تذكره بخطئه .

مثلاً : أيهما أخطر ؛ أن يتآمر إنسان على إنسان فيضعه في السجن ، أم يضعه في البئر ؟ البئر الموت فيه محقق ، إخوة يوسف وضعوه في البئر ، والموت محقق ، أما امرأة العزيز فوضعته في السجن ، ولما التقى يوسف بإخوته ماذا قال ؟ قال :



? وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ? .

( سورة يوسف الآية : 100 ) .

ما ذكّرهم بجريمتهم ، أما الخروج من البئر فنعمة أكبر ، مع أن الموت في البئر محقق ، وفي السجن غير محقق ، فمن كماله ما ذكّرهم بجريمتهم :

? وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ? .

إخواننا الكرام ، إن قرأتم قصص الأنبياء فتخلَّقوا بأخلاقهم ، الأنبياء مدارس ، كل نبي له مدرسة ، وعلى رأسهم سيد الخلق وحبيب الحق .

إذاً : هناك صبر جميل ، وصفح جميل ، وفعل جميل ، وعفو جميل ، وعطاء جميل .

أنا أتمنى على الإنسان إذا فعل خيراً أن ينساه ، وإذا فُعل معه خير لا ينساه حتى الموت .

أتمنى أنك إذا فعلت خيراً يجب أن تناساه وكأنك لم تفعله ، أما إذا أسدي إليك معروف فينبغي ألا تنساه ما حييت .



مراتب الجمال الربّاني : جمال الذات والصفات والأفعال والأسماء :



الله عز وجل ( جميل ) ، قال : جماله على أربع مراتب ، جمال الذات ، وجمال الصفات ، وجمال الأفعال ، وجمال الأسماء ، أسماءه كلها حسنى :

? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

قطعاً ، حتى لو توهمت أن الأسماء الحسنى منها المنتقم ، لو تبحرت في معنى المنتقم لذابت نفسك تعظيماً لله ، لو تبحرت في معنى المتكبر لذابت نفسك تعظيماً لله :

? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

فالله عز وجل جماله على أربع مراتب ، جمال الذات ، وجمال الصفات ، وجمال الأفعال ، وجمال الأسماء ، أسماءه كلها حسنة ، وصفاته كلها صفات كمال ، وأفعاله كلها حكمة .

لذلك لما قال بعض العلماء : " الشريعة عدل كلها ، لأنها منهج الله ، رحمة كلها حكمة كلها ، مصلحة كلها ، وأية قضية خرجت من الحكمة إلى خلافها ، ومن العدل إلى الجور ، ومن المصلحة إلى المفسدة ، فليست من الشريعة ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل " .

حتى إن علماء العقيدة قالوا : " الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع ، الله عز وجل ذاته جميلة ، وصفاته جميلة ، وأفعاله جميلة ، وأسماءه جميلة .

لكن المشكلة أن جمال الذات لا يدركه أحد في الكون ، لا يعرف الله إلا الله ، جمال الذات ، لا يدركه أحد في الكون ولا الأنبياء ، لكن جمال الصفات تدل على جمال الذات ، وجمال الصفات محجوبة بأفعاله ، فأفعاله الجميلة تدل على جمال صفاته ، وجمال صفاته تدل على جمال ذاته ، وأنت ترى أفعاله ، ترى الربيع ، ترى العصفور ، ترى الوردة ، ترى الزهرة ، ترى طفلا جميل الصورة ، هذه كلها أفعاله .

أحيانا تأكل طعاما طيبا ، مَن أودع في الطعام هذا الطعم ؟

أحيانا يهب نسيم عليل فتنتعش به ، مَن ساق هذا النسيم ؟

أحيانا ترى مرجا أخضر ، مَن أعطاه هذا اللون الجمال ؟

ترى السماء زرقاء ، البحر صافيا ، الجبال خضراء ، الأطفال الذين وهبهم الله مسحة جمال ، وهناك إنسان قد يفتن بابنه من جماله ، هذه كلها أفعاله ، أفعاله تشير إلى صفاته ، وصفاته تشير إلى ذاته ، جمال الذات لا يعلمه أحد في الكون حتى الأنبياء .

لذلك قال بعض العارفين : " لا يعرف الله إلا الله " ، حصراً .

نحن مع جمال الأفعال نرى المطر تنعش الأرض ، نرى النبع ، الماء الزلال ، نرى الفاكهة الجميلة ، منظر الفاكهة جميل جمالا رائعا جداً ، وأحيانًا يزينون بعض الغرف بصور الفاكهة ، فاكهة جميلة ، البساتين جميلة ، الماء الرقراق جميل ، يجب أن تخترق جمال الكون إلى جمال الخالق .



آية خطيرة فافهم معناها : وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً



إخواننا الكرام :



? وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ? .

( سورة البقرة الآية : 165 ) .

من أجل امرأة عصى الله ، ما الذي فتنه بها ؟ جمالها ، من أجل المال عصى الله ، ما الذي فتنه ؟ المال ، فالمال يعطيك الجمال ، يعطيك بيتا جميلا جداً واسعا ، له إطلالة ، يعطيك مركبة فارهة جداً ، يدعك تختار أجمل زوجة .



? وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ? .

( سورة البقرة الآية : 165 ) .

لماذا هو في العذاب ؟ ما الذي أغواه وعصى به ربه ؟ الجمال ، هذا الذي أغواه الجمال فعصى ربه من أجله .



? وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ? .

( سورة البقرة الآية : 165 ) .

هنا قوة الجمال .

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لمــــــا وليت عنا لغيرنا

و لــــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلـعت عنك ثياب العجب وجئتنا

ولـــــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الـذي أضحى قتيلاً بحبنا

ولـــــو نسمت من قربنا لك نسمة لــــمت غريباً واشتياقاً لقربنا

و لـــــو لاح من أنوارنا لك لائح تركت جمـــيع الكائنات لأجلنا
***

هؤلاء الذين أطاعوا الله هم الفائزون ، عرفوا أن يختاروا الجمال المطلق ، الجمال الأبدي .



لابد أن تترك الجمالَ أو يتركك فانتبه :



? كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ? .

( سورة الرحمن ) .

لو أحب الإنسان زوجته ، لا بد من أن يتركها في الموت ، أو أن تتركه إن ماتت قبله إلا أنك إذا أحببت الله فأنت معه إلى أبد الآبدين .

أيها الإخوة ، لهذا الموضوع تتمة .



1 – يتجلى الله به على بعض مخلوقاته باسم ( الجميل ) :



أيها الإخوة الأكارم ، لا زلنا مع اسم ( الجميل ) ، وهذا الاسم أيها الإخوة ، يتجلى الله به على بعض مخلوقاته ، فإذا هو جمال أخّاذ ، فالذي ينظر إلى الورود والرياحين والنباتات يأخذه العجب العجاب ، إن الله سبحانه وتعالى يتجلى على هذه المخلوقات باسم ( الجميل ) .

هناك عصافير لها ألوان أخاذة ، ومهندسو الألوان يقتبسون ألوانهم مِن خَلق الله عز وجل .

2 – الله عزوجل أصلُ الجمال :



أيها الإخوة ، ( الجميل ) هو الله عز وجل ، هو أصل الجمال ، فإذا منح الله العبد مسحةً من الجمال تعلق الخلقُ به ، فكيف بأصل الجمال ؟

لذلك جاء تعريف العبادة : " هي طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية " .

في الدين عنصر جمالي ، وفي الدين عنصر معرفي ، وفي الدين عنصر سلوكي ، وفي الدين عنصر جمالي .

بلا مبالغة ؛ لو شققت على قلب المؤمن لرأيت في قلبه من السعادة ما لو وزعت على أهل بلد لكفتهم .

في صحيح مسلم من حديث أَبِي مُوسَى قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ، فَقَالَ :

(( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ )) .

[ مسلم ]
وحينما قال الله عز وجل :



? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ? .

( سورة القيامة ) .

ورد في بعض الكتب أن أهل الجنة ينظرون إلى وجه الله الكريم فيغيبون خمسين ألف عام من نشوة النظرة .



3 – لماذا يعصي الإنسان ربَّه من أجل الجمال الدنيوي ؟



الذي ينبغي أن يكون واضحاً أن هذا الإنسان حينما يجهل حقيقة الواحد الديان ، حينما يجهل أسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، حينما يغويه جمال بعض المخلوقات ، ويعصي الله من أجل جمال امرأة ، أو جمال قصر ، أو جمال مركبة ، أو جمال موقع ، فيظلم نفسه ، ويستحق اللعنة ، والبعد عن الله عز وجل ، يُخاطب :



وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً





? وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ? .

( سورة البقرة الآية : 165 ) .

وكلمة القوة هنا واسعة جداً ، هناك قوة الجمال ، هناك قوة العلم ، هناك قوة المال ، صاحب المال قوي ، وصاحب العلم قوي ، والجميل قوي يأخذ جماله الألباب ، هؤلاء الذين عصوا ربهم ، وخسروا آخرتهم من أجل جمال مخلوق لو عرفوا أن هذا الجمال مسحة من جمال الله عز وجل ، ولو أنهم تعرفوا إلى الله لكانوا مع أصل الجمال .



4 – تجلِّي الله على المؤمنين سعادة لهم ولو فقدوا الدنيا :



هناك من يتوهم أنّ المؤمن فاتته مباهج الدنيا ، أن المؤمن باستقامته حرم نفسه أشياء كثيرة ، لكن العكس هو الصحيح ، فإن الله يتجلى على قلب المؤمن تجلياً ، سمّه إن شئت رحمة ، وسمه إن شئت سكينة ، هذا التجلي يسعده ولو فقد كل شيء ، ويشقى بفقده ولو ملك كل شيء .

أيعقل أن يكون الذي في بطن الحوت نبي كريم ، وهو يناجي ربه بقوله :



? رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ? .

( سورة القصص الآية : 176 ) .

فيتجلى الله عليه وينقذه ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان في أسعد حالاته وهو في غار ثور ، وأن إبراهيم تجلى الله عليه وهو في النار ، هذه السعادة التي تلقى في قلب المؤمن يشقى بفقدها الإنسان ولو ملك كل شيء .



5 – الأغنياء الشاردون أشقياء ولو ملكوا الدنيا :



في نفس الإنسان فراغ لا يملؤه المال ، ولا يملؤه جمال الأرض ، الأقوياء والأغنياء يعيشون حياة ناعمة جداً ، بيوتهم قطعة من الجمال ، مركباتهم ، مائدتهم ، مَن حولهم ، ومع ذلك هم أشقى الخلق ، لأنهم ابتعدوا عن الله عز وجل ، وحينما تؤمن أن كل السعادة باتصالك بالله تسعد .



? أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ? .

( سورة الرعد الآية : 28 ) .

وأن كل الشقاء بالبعد عنه .





? وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ? .

( سورة طه ) .

حينما تؤمن أن سعادتك المطلقة باتصالك بالله ، لأنه جميل ، لأن الجمال جزء أساسي في حياة الناس ، وأن الشقاء كل الشقاء في البعد عن الله :

? وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ? .

قال بعض العلماء : ـ دققوا ـ " ما بال الأقوياء والأغنياء هم أشقياء ؟ فجاء الجواب : نعم ، شقاءهم ليس في نقص المال ، ولكن في ضيق القلب " .

أحياناً يتجلى الله على قلب المؤمن باسم ( الجميل ) فهو في جنة ، من هنا قيل : " في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة " ، و" مساكين أهل الدنيا ، جاؤوا إلى الدنيا وغادروها ، ولم يذوقوا أطيب ما فيها " .

حينما ترى أناساً مجتمعين في ملهى اسأل نفسك سؤالاً عقائدياً : لماذا ؟ ما في هذا المكان ؟ فيه امرأة ، لعلها ترقص ، فيه مغنٍّ ، فيه طعام ، رأوا سعادتهم في هذا ، ولو كشف لهم لو أنهم إذا أقبلوا على الله كانوا في نشوة ما بعدها نشوة ، وفي سعادة ما بعدها سعادة ، لسفهوا أعمالهم ، ولاحتقروا ذواتهم .

إذاً :

(( حِجَابُهُ النُّورُ ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ )) .



لا شقاء في الدنيا مع معرفة الله :



أيها الإخوة ، قيل : حجبت الذات بالصفات ، وحجبت الصفات بالأفعال ، فما ظنك بجمال حجب بأوصاف الكمال ، وسُتِر بنعوت العظمة والجلال .

أنت تتعامل مع الله ، مع ذات كاملة ، مع قوي ، مع جميل ، مع غني ، مع قدير ، مع رحيم ، مع لطيف .

صدقوا أيها الإخوة ، مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن يكون هناك شقاء في الدنيا مع معرفة الله ، لا يجتمعان أبداً ، ولا أقول : إن المؤمن إذا كان مع الله كان في بحبوحة ، قد يكون في يسر ، وقد يكون في عسر ، وقد يكون في فقر ، وقد يكون في مرض ، لكن لأنه مع الله فهو في سعادة لا توصف .



6 – جمالُ الله وكماله مطلق :



نحن في حياتنا قد نلتقي بإنسان عالم كبير ، أستاذ في الجامعة مثلاً ، لكن لا يرحم الطلاب ، يقسو عليهم ، يتفنن في إحراجهم في الامتحانات ، فالطلاب يكبرون علمه ، ولا يحبونه ، وقد تلتقي بإنسان تحبه كثيراً ، لكن لا تقدر علمه ، معلوماته محدودة جداً ، لكنه طيب جداً ، ففي حياة الإنسان إنسان يكبره ولا يحبه ، وإنسان يحبه ولا يكبره ، لكنك إذا أقبلت على الواحد الديان بقدر ما تعظمه تحبه ، بقدر ما تدهش بكماله ، وتدهش بجماله ، بقدر ما يرحمك بقدر ما ينتزع إعجابك .

فلذلك هذا المعنى ورد في قوله تعالى :





? كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ? .

( سورة الرحمن ) .

قد يكون الشيء كبيراً وليس كاملاً ، و قد يكون كاملاً وليس كبيراً ، لكن الله سبحانه وتعالى في آية أخرى قال :





? تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ? .

( سورة الرحمن ) .

إذاً : أيها الإخوة ، الإنسان إذا أقبل على الله وصل إلى كل شيء .

(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء )) .

[ ورد في الأثر ]


سعادة الدنيا غير متنامية ولا مستمرة :



حينما يختار الإنسان هدفاً محدوداً ، والإنسان في أصل تصميمه لا نهائي ، لا يملأ طموحه إلا الله ، فإذا اختار هدفاً أرضياً ؛ اختار المال ، يسعى إليه جاهداً ، فإذا حصله ، وأحاط به يكتشف حقيقة مُرّة ؛ أنه شيء ، و ليس كل شيء ، فإذا اقترب من مغادرة الدنيا يراه لا شيء .

قد يُقبل الإنسان على المرأة في مقتبل حياته ، إن كان شارداً عن الله يظنها كل شيء ، في منتصف حياته هي شيء ، وليست كل شيء ، في وقت مغادرة الدنيا يراها ليست بشيء .

سبحان الله ! ما من شيء في الدنيا يمكن أن يمد الإنسان بسعادة متنامية ، ولا بسعادة مستمرة ، بل بسعادة متناقصة ، والدليل : أن الإنسان قد يشتري بيتا يلفت النظر ، بعد شهر أصبح كأي بيت عنده ، وقد يقتني مركبة من أعلى مستوى ، بعد حين تصبح هذه المركبة شيئاً عادياً ، كل ما يحيط بالإنسان من مظاهر الجمال المادي بعد حين هذا البريق يخبو ، وهذا الاهتمام يضعف ، هذه الدهشة تقلّ إلا إذا أردت أن تعرف الله .

الأصل في الموضوع أنك تتمتع بنفس طموحة لا يملؤها إلا معرفة الله ، أما إذا اخترت هدفاً أرضياً فهذا الهدف ما إن تصل إليه حتى يبدأ الملل والسأم ، لذلك انظر إلى أهل الدنيا الناجحين في حياتهم ، بعد أن ينجحوا تصير حياتهم مملة ، لأن النجاح أصبح مألوفاً ، لكنهم إذا اختاروا الذات الكاملة ، إنهم إن اختاروا الله عز وجل فهم في شباب دائم .

أنا أؤكد لكم أن المؤمن في شباب دائم ، لسبب بسيط ، لأنه اختار هدفاً يفوق كل إمكاناته ، لذلك ، إن أردت أن تعرف الله فأنت في طريق السعادة ، من هنا نؤمن أن المؤمن لا يشيخ أبداً ، بل هو شاب دائماً .

والله كان في الشام رجل من علماء دمشق ، بلغ السن السادسة والتسعين ، وكان منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، أسنانه في فمه كاملة ، وكأنه شاب ، يُسأل من حين إلى آخر : يا سيدي ، ما هذا ؟ قال : " يا بني ، حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً عاش قوياً " .





7 – على المسلم أن يتجمَّل ماديًّا :



أيها الإخوة ، النقطة الدقيقة : أن الإنسان ما موقفه من هذا الاسم ؟ لمَ لا يكون جميلاً في ثيابه ؟ في بيته ؟ إذا قلت : جميل ، فلا أقصد الفخامة ، ولا البذخ ، ولا الترف ولا الإسراف أبداً .

قد يكون في البيت مسحة جمالية ، بيت مريح ، المكتب التجاري فيه مسحة جمالية ، الدكان فيها مسحة جمالية ، الثياب فيها ألوان متناسقة ، لماذا ترى الجمال الصارخ في الطرف الآخر ، وفي بلاد أخرى ؟ وهم بعيدون عن الله بُعد الأرض عن السماء ، لماذا هناك الجمال ، وعندنا الإهمال ؟ هذه مشكلة كبيرة ، يجب على المؤمن أن يتجمل .

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنَا :

(( إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَلِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاسِ كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ )) .

[ أخرجه أحمد ]
المؤمن نظيف ، وذو أذواق عالية في حياته ، والأذواق العالية تجذب الناس إليه ، أما إذا أهمل ثيابه ، أهمل مركبته ، أهمل بيته ، أهمل دكانه يفرُّ الناس منه .

أحيانا تدخل إلى دكان صاحبها مؤمن ، فترى النظافة ، والترتيب ، والنظام ، فتؤخذ به ، وأحيانا تجد إنسانا مقصرا ، في دكانه فوضى ، وغبار ، وإهمال ، هذا شيء منفّر ، وأهل الدنيا اكتشفوا هذه الحقيقية ، فتأنقوا في حياتهم ، وتأنقوا في نظام حياتهم ، هذا التأنق وهذا الجمال في حياتهم يجذب الناس إليهم ، تذهب إلى بلاد بعيدة فترى عناية بجمال البلاد منقطعة النظير .

مرة سافرت إلى بلد ، سرت مسافة طويلة جداً لم أرَ إلا اللون الأخضر ، الطرقات منظمة ، محددة ، الشاخصات ، اللافتات ، الحدائق ، أنا أقول : الإنسان بحاجة ماسة إلى الجمال ، وهذا مودع في أصل فطرة الإنسان ، فإذا لبّى هذه الحاجة ، وتخلق بكمالات الله سعد في دنياه .

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .

[ رواه مسلم عن ابن مسعود ]

تغدو حياتنا جميلة ، تغدو حياتنا براقة ، ما الذي يمنع أن نعتني بمساجدنا ؟ بنظافة مساجدنا ، بأناقة مساجدنا ، ما الذي يمنع أن نعتني ببيوتنا ؟

والله مرة دخلت إلى بيت متواضع بشكل لا يوصف ، بيت عربي ، لكن لا تجد فيه خطأ جمالياً ، لا شيء فيه يمكن أن تنتقده ، مع أنه بيت متواضع جداً ، أنا أرى أنك إذا اعتنيت بدنياك عناية تجذب الناس إليك فهذا جزء من الدين ، النبي كان كذلك عليه الصلاة والسلام كان نظيفا ، كانت ثيابه حسنة ، يتعطر دائماً .



8 – الدعاء باسم ( الجميل ) :



فلذلك أيها الإخوة ، يمكن أن تدعو الله بهذا الاسم ، ألم يقل الله عز وجل :



? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? .

( سورة الأعراف الآية : 180 ) .

وفي بعض أدعية النبي عليه الصلاة والسلام : عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ صَلَاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ : لَقَدْ خَفَّفْتَ ، أَوْ أَوْجَزْتَ الصَّلَاةَ ، فَقَالَ : أَمَّا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَامَ تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ ، هُوَ أُبَيٌّ ، غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ ، فَسَأَلَهُ عَنْ الدُّعَاءِ ، ثُمَّ جَاءَ فَأَخْبَرَ بِهِ الْقَوْمَ :

(( اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي ، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ )) .

[ النسائي ، أحمد ]
هذا من أدعية النبي .

(( اللهم أغنني بالعلم ، وزيني بالحلم ، وجملني بالتقوى ، وأكرمني بالعافية )) .

[ الجامع الصغير عن ابن عمر بسند فيه ضعف ]
هذه أدعية النبي عليه الصلاة والسلام .

أنا لا أستطيع أن أبتعد عن الواقع ، الحاجة إلى الجمال مودعة في كل إنسان ، فإن لبّاها وفق منهج الله كانت حياته كاملة ، وإن أهملها يشقى .



ليس هذا هو الجمال المطلوب :



أحياناً تتألم ألماً شديداً ، تزور قرية مسلمة فترى فيها إهمالا ، فيها فوضى ، فيها مناظر مخرشة للعين ، وأحياناً تزور بلدة أخرى غير مسلمة ترى فيها الأناقة في البيوت ، الورود على الشرفات ، الطرقات النظيفة ، الحدائق الغناء ، شيء يلفت النظر ، ويؤلم أشد الألم ، من قال : إن الجمال وقفٌ على هؤلاء ؟ الإسلام جميل ، وربنا جميل ، ويحب الجمال ، لكن سبحان الله ! الإنسان أحياناً يفهم من هذا الموضوع شيئًا آخر ما أراده الله ، يفهم أن يتعلق بالمرأة ، يقول لك :

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .

يطلق بصره في الحرام ، ويخالف الواحد الديان ويقول :

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .

ليس هذا هو المعنى .



المعاني الحسية والأخلاقية والأدبية للجمال :



الجمال له معانٍ لا تنتهي ، ولاسيما أن الجمال له معانٍ حسية ، وله معان أخلاقية ، والله موقف أخلاقي تذكره ، وكأنك تستمتع بالجمال ، هناك مواقف أخلاقية ، مواقف الوفاء ، مواقف الرحمة ، مواقف التواضع ، مواقف العفو ، مواقف الإنصاف ، الجمال كلمة واسعة جداً ، وعندنا فعل جميل ، وعندنا إنسان قوي ، ومتواضع ، عندنا إنسان غني وسخي ، عندنا إنسان متفوق في علمه ، ومع ذلك يحبه مَن حوله ، فالجمال معناه واسع جداً .

لعلي أقول : إن أقلّه الجمال الحسي ، لكن اتساع المفهوم يشمل كل شيء ، فهناك كلمة جميلة ، الأدب أدب ، الأدب فن .

مثلاً قال أحدهم : تكاثرت عليّ المصائب ، هذا كلام ، لكن غيره قال :

رماني الدهر بالأرزاء حتى كأني في غشاء مـن نبـال

فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال

***

هذا أدب ، فالكلمة الجميلة أدب ، والحركة الجميلة رشاقة ، والصوت الجميل نغم ، فالجمال واسع جداً يشمل كل حياتنا ، وفي جوانب منها كثيرة جداً مباح ، بل مطلوب .

(( فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ )) .

[ الترمذي وأبو داود ]
هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام .

أنا أتمنى أن يكون في حياتنا مسحة من الجمال ، لأننا مسلمون ، ولا ينبغي أن يوازن بين مسلم بيته مضطرب ، فيه مناظر مؤذية ، وبين غير مسلم فيه أناقة في بيته ، كلما ذكرت الأناقة والجمال لا أقصد المال إطلاقاً ، قد تكون أفقر الناس ، لكن هناك أذواق ، هناك تناسب ألوان ، هناك طلاء رخيص ، لكن الطلاء يملأ القلب بهجة .

أحيانا يسكن إنسان في بيت من دون طلاء ، المناظر مؤذية ، منظر الإسمنت مؤذٍ ، لو طلاه بطلاء رخيص أبيض ، بلون سماوي ، أو لون زهري ، يشعر براحة ، الآن علم الألوان له علاقة بسلوك الإنسان ، وهناك مكان ينتحر فيه الغربيون ، طلوه باللون الأخضر فخفت نسبة الانتحار .

انظر إلى السماء الزرقاء ، والحقول الخضراء ، ألوان مريحة جداً ، الله جميل ، انظر إلى العصافير ، والله فيها ألوان تأخذ بالألباب ، انظر إلى الفراشات ، انظر إلى الحقول ، انظر إلى الفواكه ، دعك أنها فاكهة تؤكل ، لها منظر رائع جداً .

اسم ( الجميل ) تجلى على هذا فكان جميلاً ، يجب أن تكون حياتك جميلة ، في بيتك ، في عملك ، في هندامك ، في مركبتك ، والنظافة أصل في الجمال ، وتناسب الألوان أصل في الجمال ، ورقة العبارة أصل في الجمال .

كان سيدنا عمر إذا مر على أناس يشعلون النار ، يقول : السلام عليكم ، يا أهل الضوء ، ولم يقل : السلام عليكم يا أصحاب النار .

في اللغة عبارات جميلة جداً فيها ذكاء ، فيها لطف .

جاءت امرأة تشكو زوجها إلى سيدنا عمر ، متألمة جداً منه ، أهملها إهمالاً كلياً ، قالت : يا أمير المؤمنين ، إن زوجي صوام قوام ، ما انتبه سيدنا عمر ، قال لها : << بارك الله لكِ بزوجك ، سيدنا علي قال له : لا ، إنها تشكو زوجها >> ، انظر إلى الأدب ، وهي تشكو زوجها .

والله في أقوال الصحابة أدب ، أنا أساساً أرفض أن تقول : لا حياء في الدين ، الدين كله حياء .



? وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ? .

( سورة المعارج ) .

كل أنواع الانحراف الجنسي دخلت في هذه الآية .



? فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ? .

( سورة المعارج ) .

لذلك الكلمة الجميلة ، والثياب جميلة ، والبيت جميل ، والمحل التجاري جميل ، والحركة جميلة ، و جلسة وراء مقود السيارة فيها أدب ، وفيها جمال ، وهناك جلسة فيها غطرسة .

(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) .



خاتمة :



وأتمنى أن يكون الجمال جزاءً أساسياً في حياتنا ، تنظيم البيت يريح ، وقالوا : الجمال في البساطة ، فقد ترى مركبة أحياناً كلها زينات ، وكلها تعليقات ، وكلها كلمات ، شيء منفر ، دعها طبيعية ، المركبة أجمل بكثير .

فنحن بحاجة إلى الجمال ، لأن حياتنا كلها دم ، وكلها قهر ، وكلها قتل ، وكلها تدمير ، وكلها خراب ، هذه مشكلة كبيرة ، والله أتمنى عليكم ألا تسمحوا لأولادكم بمتابعة الأخبار من شدة ما تترك هذه الأخبار من انعكاسات سيئة في نفوس الصغار .





والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://aslmk.asiafreeforum.com
 
من أسماء الله الحسنى الجميل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أسماء الله الحسنى المُعطي
» من أسماء الله الحسنى المحسن
» من أسماء الله الحسنى الشافي
» من أسماء الله الحسنى المُبِين
» من أسماء الله الحسنى القريب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بستان العارفين :: المنتديات الاسلاميه :: أسْماءُ الله الحُسْنىَ-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» المصحف الإلكتروني
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:15 am من طرف ebrehim

» الحذيفى
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:01 am من طرف ebrehim

» يحي حوى
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:00 am من طرف ebrehim

» يا رسول الله هلكت
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:05 pm من طرف ebrehim

» رأيت بياض خلخالها
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:04 pm من طرف ebrehim

» أرم فداك أبي وأمي
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» ثلاث من كن فيه فهو منافق
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» آمنت بالله وكذبت البصر
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:01 pm من طرف ebrehim

» إبليس يضع التراب على رأسه
من أسماء الله الحسنى   الجميل     Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:00 pm من طرف ebrehim

المواضيع الأكثر نشاطاً
المصالـح اليهودية
إعجاز آيات القرآن الترتيب المُحكم لأ رقام الآيات
أعداد الجماعات اليهودية وتوزُّعها في العالم حتى الوقت الحاضر
أساليب المشركين في محاربة الدعوة
نحن على ابواب شهر محرم فاكثروا فيه الصيام
[دعاء مؤثر] ياصاحبي فـي شدتي
ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها
صور متحركه
شروط لا إله إلا الله
برنامج افاست avast.AV.Pro.5.1.889+الكراك مدى الحياة الخميس ديسمبر 01, 2011 2:27 am

شريط الإعلانات ||

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ____________(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ..........منتديات الكوثر العالميه
الساعة الأن بتوقيت القاهره)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات بستان العارفين
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://orchard.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد