من أسماء الله الحسنى الشافي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الشافي) :
أيها الأخوة الأكارم ، الاسم اليوم " الشافي " ورد هذا الاسم في الحديث الشريف الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري ومسلم والحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا عاد مريضاً يدعو له ويقول :
((اذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً )) .
هذا الاسم أريد به العلانية ، ودلّ على كمال الوصفية ، وجاء معرف بأل .
ولكن لا بد من مقدمة كي تتضح ماذا تعني كلمة الشافي ؟.
حياتنا مفعمة بالقوانين الثابتة ولكن لحكمة بالغة حرك الله شيئين الصحة والرزق :
أيها الأخوة ، بادئ ذي بدء : الله سبحانه وتعالى قنن القوانين في الكون ، ثبت القوانين ، وكأن القانون علاقة ثابتة بين متغيرين ، ولولا القوانين ما استقرت الحياة ، ولا انتظمت الدنيا ، فخصائص المعادن ثابتة ، خصائص البذور ، دورة الأفلاك ثابتة ، أقول ولا أبالغ : مليارات القوانين ثابتة ، لمئات ملايين السنين ، يمكن أن يقال لك بحساب فلكي دقيق أن الشمس تشرق في عام ألفين و ثمانين في السادس عشر من شباط الساعة الخامسة وأربع دقائق مثلاً .
إذاً الله عز وجل ترسيخاً للنظم ، وإراحة للناس ، وتطميناً لهم ثبت القوانين ، تنشئ بناء ضخماً من الاسمنت المسلح ، لو أن الحديد غيّر صفاته لانهار البناء ، تشتري سبيكة ذهبية ، لو أن الذهب غيّر خصائصه ، لخسرت ثمنها ، تزرع بذرة معينة تنتج كما زرعت ، حياتنا مفعمة بالقوانين الثابتة ، وهذه من رحمة الله بنا ، ولكن لحكمة بالغة بالغةٍ أرادها الله حرك شيئين ، حرك الصحة ، وحرك الرزق ، قد تأتي الأمطار كثيرة وقد تشح السماء ، قد ينعم الإنسان بصحة ، وقد يفقد صحته .
تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز :
السؤال الآن : أنه كان من الممكن أن لا يمرض الإنسان إطلاقاً ، أوضح مثل :
قد تقتني طاولة في بيتك في غرفة الضيوف ، مهمتها أن يضع الضيف عليها كأسا من الماء ، وقد يقف عليها الإنسان فتحمله ، ما معنى ذلك ؟ كأس الماء لا يزيد وزنه عن مئتي غرام ، وقد يقف عليها إنسان ، وإنسانان ، وثلاثة ، وتحملهم ، معنى ذلك أن الاحتياط فيها مئات الأضعاف ، لو كان في الإنسان لكل جهاز ألف ضعف احتياط ألغي المرض كلياً .
والدليل : أن تفجيراً نووياً كان في الصحراء في أفريقيا ، التفجير لصالح فرنسا بعد التفجير (والتفجير كما تعلمون ماحق من الضغط ، ومحرق من الحرارة) ، رؤوا عقرباً يمشي في أرض التفجير ، أجريت عليه بحوث لعشرات السنين ، تبين أن العقرب يستطيع أن يعيش من دون طعام وشراب ثلاث سنوات ، ويستطيع إذا غمسته في الماء أن يبقى حياً ثلاثة أيام ، من دون هواء ، ويتحمل من الإشعاع النووي ما يزيد ثلاثمئة ضعف ما يتحمله الإنسان ولو نقلته من حرارة الصحراء 60 فوق الصفر، إلى 10 تحت الصفر لم يتأثر ، كان من الممكن ألا يكون مرضاً على الإطلاق ، وكان من الممكن ألا يكون شح السماء على الإطلاق لأن بعض العلماء كشفوا في الفضاء الخارجي البعيد سحابة يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة كل يوم بالمياه العذبة ، فإذا قنن الله الأمطار فالتقنين تقنين تأديب لا تقنين عجز .
? وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ? .
( سورة الحجر ) .
الإنسان حينما يغفل عن الله يدفع ثمن أخطائه باهظة و يؤدبه الله في الدنيا قبل الآخرة :
إذاً كان من الممكن أن لا يكون هناك مرض إطلاقاً ، وكان من الممكن ألا يكون نقص في الرزق إطلاقاً ، ولكن شاءت حكمة الله أن يكون هناك تقنين رزق ، وأن يكون هناك تأخر صحة ، ولعل الصحة والرزق ، والإنسان حريص على صحته ، وعلى رزقه حرصاً لا حدود له ، لعل في هذا تأديباً لنا ، لماذا ؟ لأن الإنسان خُلق لجنة عرضها السموات والأرض وجيء به إلى الدنيا ليدفع ثمن الجنة ، جيء به إلى الدنيا ليعبد الله ، جيء به إلى الدنيا ليتحرك لمنهج الله ، ما أودع الله فيه شهوة إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، ليس في الإسلام حرمان ، ولكن في الإسلام تنظيم .
الإنسان حينما يغفل عن الله ، ويتحرك بدوافع شهواته ، بعيداً عن منهج الله ، يقع في شر عمله ، يدفع ثمن أخطائه باهظة ، ولأن الله رب العالمين ، ولأنه خلقه لجنة عرضها السموات والأرض ، يؤدبه في الدنيا ، هو رب .
سأوضح معنى كلمة رب : قد تكون مدير لمؤسسة ، وتعين موظفاً ، وتشترط عليه التجريب لستة أشهر ، أنت كمدير مؤسسة ، وعندك موظف مهمتك في هذا الوقت أن تحصي عليه أخطاءه ، فإذا تفاقمت اعتذرت عن تعيينه في المؤسسة ، لو أن ابنك في المؤسسة كلما أخطأ نبهته ، كان موقفك إحصاء أخطاء صار الموقف مع ابنك تقويم أخطاء .
الله عز وجل رحيم بعباده فإذا أخطؤوا يؤدبهم إما برزقهم أو بصحتهم :
لأن الله رحمن رحيم ، ولأن الله رب العالمين ، فإذا أخطأ العبد أدبه ، أدبه إما بصحته ، أو أدبه برزقه :
? وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ? .
( سورة الأعراف الآية : 96 ) .
? وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ? .
( سورة الجن ) .
الآيات واضحة جداً .
? وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ? .
( سورة المائدة الآية : 66 ) .
إذاً الله عز وجل يؤدب عباده بتقنين الرزق ، قد يُحرم المرء بعض الرزق بالمعصية .
وفي موضوع يعالج في وقت آخر إن شاء الله كيف يزداد الرزق ؟ يزداد بالاستغفار ، بإقامة الصلوات ، بصلة الرحم ، بالتصدق ، بالأمانة ... إلخ .
المرض أحد أكبر أسباب تربية الإنسان :
أيها الأخوة ، إذاً كان من الممكن أن نمرض ، لو أن الله سبحانه وتعالى جعل في كل جهاز من أجهزتنا ، وفي كل عضو من أعضائنا احتياطات كبيرة جداً ، الطاولة في البيت تُستخدم لوضع كأس ماء ، وقد يقف عليها إنسان وزنه ثمانين كيلو ، وتحمله ، إذاً كأس الماء مئتي غرام وزن الإنسان 80 كغ ، كم احتياط يوجد ؟ ثلاثمئة احتياط ، لو أن كل عضو في جسم الإنسان أخذ هذا الاحتياط الكبير ألغي المرض إطلاقاً ، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء لنا أن نمرض ليكون المرض أحد أكبر أسباب تربية الإنسان ، لأن الإنسان بحسب فطرته حريص على وجوده وعلى رزقه .
خلق الله كامل كمالاً مطلقاً ولكن أخطاء الإنسان تؤدي به إلى المرض :
أيها الأخوة ، الآن يوجد إشارة ثانية في القرآن دقيقة جداً ، متعلقة باسم " الشافي" قال تعالى :
? الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ? .
( سورة الشعراء )
دقق في السياق : ? الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ? الآية الثالثة بحسب السياق وإذا أمرضني فهو يشفيني ، لا ، قال :
? وَإِذَا مَرِضْتُ ? .
( سورة الشعراء الآية : 80 ) .
عُزي المرض إلى الإنسان ، بمعنى أن خلق الله كامل كمالاً مطلقاً ، ولكن أخطاء الإنسان قد تكون أخطاء فردية ، وقد تكون أخطاء في العصر ، في عصر الضجيج ، في عصر التلوث ، في عصر تغيير خلق الله ، معظم حياتنا فيها تغيير لخلق الله , نريد أن ينمو هذا الفروج إلى كغ بأربعين يوماً ، يجب ألا ينام ، هذا وضع غير طبيعي .
نريد أن نطعم البقر طحين الجيف ، فجن البقر واضطر الإنسان أن يحرق ثلاثين مليون بقرة ، ثمنها ثلاثة وثلاثين مليار جنيه إسترليني ، وما جنون البقر إلا من جنون البشر لما نغير خلق الله عز وجل .
لما ننام في النهار ونسهر في الليل ، هذا بخلاف منهج الله عز وجل ، لما نحاول أن نأكل كل شيء بكل الأوقات عن طريق زراعة محمية هذه لها أخطار ، طبيعة حياتنا فيها أخطار كبيرة جداً ، عندما نحاول أن نحفظ الطعام بمعلبات نضع مادة مضادة للفساد بنزوات الصوديوم ، والمادة مسرطنة .
عندما استخدمنا المبيدات الكيماوية رفعت ملوحة التربة ، لما استخدمنا الأدوية الكيماوية أيضاً ، الدواء الكيماوي يحل مشكلة من جهة ويخلق مشكلة من جهة ثانية ، هناك تغيير بخلق الله ، أكثر ما يعانيه الناس من الأمراض من التلوث ، من استخدام المبيدات ، من استخدام الأسمدة الكيماوية ، من استخدام مشتقات البترولية ، والآن الخبر الأول في العالم ارتفاع الحرارة ، الاحتباس الحراري بسبب ثاني أوكسيد الكربون .
من طبق القواعد الصحية التي جاءت بها رسالات الأنبياء تمتع بصحة جيدة طوال حياته :
إذاً المرض يعزى إلى الإنسان ، الخطأ من الإنسان ، لو تصورنا أن الإنسان اتبع القواعد الصحية التي جاءت بها رسالات الأنبياء ، لقلّ المرض إلا أن يكون قضاءً وقدراً أقول كلاماً دقيقاً ، أحياناً يأتي المرض قضاء وقدر، لكن في الأعم الأغلب يكون المرض عقب تقصير في تطبيق التعليمات التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام .
هناك مستشفى بألمانيا كتب عليها : نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع عن محمد بن عبد الله ، هذا الكلام يعد كلاماً أساسياً في الطب الوقائي ، نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع .
إذاً لو أن الإنسان طبق التعليمات لتمتع بصحة جيدة طوال حياته ، وقد تلاحظ أحياناً إنسان يحرص على تطبيق التعليمات الصحية حرصاً بالغاً في الأعم الأغلب يتمتع بصحة عالية جداً .
وكان هذا العالم الجليل الذي رؤي في الثالثة والتسعين ، وكان منتصب القامة ، حاد البصر، مرهف السمع ، إذا سُئل يل سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها ؟! يقول : يا بني حفظناها في الصغر ، فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً عاش قوياً
الله عز وجل ثبت أشياء استقراراً للنظام وحرك شيئين تأديباً لنا :
إذاً الله عز وجل ثبت أشياء استقراراً للنظام ، وحرك شيئين ، حرك الرزق وحرك الصحة ، ليكون هذا التحريك أداة تأديب لنا .
? وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ? .
( سورة البقرة ) .
ها هو التأديب ، وهذه هي التربية . فلذلك :
? وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ? .
( سورة الشورى ) .
(( ما من عثرة ، ولا اختلاج عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر )) .
[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]
الله عز وجل خلق لكل إنسان جهاز مناعة قوامه الكريات البيضاء و فِرقه هي :
1 ـ فرقة الاستطلاع :
لكن لو دخلنا في تفاصيل اسم "الشافي" من الزاوية العلمية ، الله عز وجل وضع فينا جهاز المناعة ، وجهاز المناعة يكاد يكون جيشاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، قوام هذا الجيش الكريات البيضاء ، هذه الكريات مجموعة فرق ، هناك فرقة الاستطلاع ، فرقة معلومات استخبارات ، أو اسمها في بعض الجيوش الاستطلاع ، مهمتها معلوماتية فقط فإذا دخل إلى الجسم جرثوم تتجه كريات بيضاء من فرقة الاستخبارات ، تقترب من هذا الجرثوم تأخذ شفرته الكيماوية وتعود لا تقاتله ، إلا أنها تستكشف خصائصه (شفرته الكيماوية) وتذهب إلى مؤسسة معامل الدفاع .
2 ـ فرقة تصنيع السلاح :
فرقة ثانية مهمتها تصنيع السلاح ، متواجدة في العقد اللمفاوية ، فالكريات البيضاء من فرقة الاستطلاع ، تأخذ شفرة الجرثوم الكيماوية وتتجه إلى العقد اللمفاوية ، في العقد يصنع المصل المضاد للجرثوم ، لكن أعظم ما في الفرقة الثانية تصنيع المصول .
قد نعطي الطفل مثلا لقاح الكوليرا ، يعني جرثوم مضعف ، فكما هي العادة الكرات البيضاء الاستطلاعية تأخذ شفرته الكيماوية وتذهب إلى العقد اللمفاوية في فرقة تصنيع المصل ، وتعطى الشفرة ، وتصنع المصول المضادة لهذا الجرثوم ، وتحفظ في ذاكرة هذه الفرقة ، فإذا عاد الجرثوم بعد سبعين عاماً الملف جاهز .
لذلك لولا ذاكرة فرقة تصنيع المصول لما كان من معنى إطلاقاً للقاحات في الأرض ، لا قيمة للقاحات أساساً من دون ذاكرة مودعة في فرقة تصنيع المصول .
3 ـ فرقة المقاتلين :
الفرقة الثالثة فرقة المقاتلين ، هذه الفرقة مهمتها أن تأخذ المصل المضاد وتتجه إلى الجرثوم ، وتجري معركة بين الكريات البيضاء المقاتلة (هذه الفرقة الثالثة) ، وبين الجرثوم .
4 ـ فرقة التنظيف :
أحياناً الإنسان يرى ورما خفيفاً ، ثم بقعة بيضاء من القيح ، هذه نتائج المعركة معركة تجري في الجسم بين الكريات البيضاء المقاتلة وبين الجراثيم ، فإذا حُسمت المعركة لصالح الكريات البيضاء ، في فرقة الخدمات ، تنظف أرض المعركة ، وتزيل آثار العدوان .
5 ـ فرقة المغاوير :
اكتشف بعض العلماء فرقة خامسة اكتشفها في عام 1967م " اسمها فرقة المغاوير " بالتعبير الأجنبي كومندوس ، هذه الفرقة تستطيع أن تكتشف الخلية السرطانية في وقت مبكر جداً وتلتهما .
الشدة النفسية سببها ضعف التوحيد :
ثبت أن كل إنسان في دمه ملايين الخلايا السرطانية ، لكنها غير مفعلة عليها قامع يقمعها ، يمنع تفعيلها ، فإذا ذهب القامع عن بعضها الفرقة الخامسة المغاوير تكتشف هذه الخلية السرطانية فتلتهما ، وينجو الإنسان من الورم الخبيث .
قال : هذا القامع ما الذي يفكه ؟ الشدة النفسية ، الخوف ، القلق ، الحقد ، لذلك قال تعالى :
? قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ? .
( سورة آل عمران الآية : 119 ) .
الغيظ مميت ، الآن المرض الأول في العالم الشدة النفسية ، خوف ، تهديد قد يكون سلامة لكن ما في أمن .
لذلك قالوا : أنت من خوف المرض في مرض ، يعني أحياناً تأتي أمراض القلب من خوف مرض قلب ، أنت من خوف المرض في مرض ، ومن خوف الفقر في فقر وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها ، أنت من خوف التهديد في مرض ، من خوف شبح الحصار الاقتصادي في مرض ، من خوف شبح الاجتياح في مرض ، هذه كلها أمراض الإنسان الآن يتحمل من الضغوط ما لا يحتمله إنسان في عصور سابقة .
لذلك : ما في حل إلا التوحيد ، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، ما في حل إلا أن ترى أمرك بيد الله ، وأن الذي خلقك لن يسلمك إلى أحد غيره .
? وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ? .
( سورة هود الآية : 123 ) .
ارتفاع نسبة السرطان في عصرنا إما لضعف في نفوسنا أو ضعف في إيماننا :
ما لم توقن أن أمرك وسلامتك وأهلك وأولادك ورزقك وصحتك بيد الله ، وأنك إذا كنت مع الله كان الله معك ، وإذا عبدت الله أنشأ الله لك حقاً عليه ألا يعذبك ، هذه المعاني الناس في أمس الحاجة إليها ، قال تعالى :
? فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ? .
( سورة الأنعام ) .
الفرقة الخامسة إذاً فرقة مغاوير ، ما الذي يفك القامع ؟ الشدة النفسية ، والإشعاع النووي ، وصول مشتقات البترول إلى جوف الإنسان ، هذا الذي يغسل المحركات بالبنزين إذا أكل بيديه قل أن يغسلهما جيداً عنده احتمال وصول المشتقات إلى جوفه ، وهذه تسبب الأورام .
وشيء آخر كما قال العلماء : التوسع في استخدام البلاستيك ، البلاستيك يجب أن نبتعد عن استعماله مع الحرارة الشديدة ، أو مع المواد الحامضة ، أو أن يدخل إلى جوفنا بعض منه عن طريق التيفال ، وعاء تيفال بعد سنتين يصبح حديداً ، المادة أين ذهبت ؟ أكلناها ، فمشتقات البترول ، والتوسع في استخدام البلاستيك ، والإشعاع النووي والشدة النفسية ، تفك القامع .
لذلك ارتفاع نسبة السرطان أصبحت إلى عشرة أمثال ، لخطأ في عصرنا ، أو ضعف في نفوسنا ، أو ضعف في إيماننا ، هذه حقيقة أيها الأخوة .
جهاز المناعة جيش يقويه الأمن والحب والود و يضعفه الخوف والقلق والحقد :
الآن في غدة اسمها " التايموس " اكتشفت أخيراً أنها غدة لا وظيفة لها هكذا قال الأطباء ، ثم اكتشف أنها أخطر غدة في جسم الإنسان ، قال هذه مدرسة حربية ، تدخلها الكريات البيضاء وتبقى فيها سنتين ، تتعلم من هو الصديق ، ومن هو العدو ، كريه بيضاء معها سلاح خطير ، الكريه المحاربة الفرقة الثالثة ، هذه سموها الخلية التائية الهمجية جاهلة تدخل في هذه الغدة وتبقى سنتين ، لما كُبّرت مئات المرات بدت وكأنها مدرج روماني ، وهذه الخلايا التائية الهمجية كأنهم طلاب علم ، تبقى الخلية التائية الهمجية سنتين وبعدها تمتحن هناك مخرجان امتحانيان ، الأول تعطى هذه الكريه الممتحنة عنصراً صديقاً فإذا قتلته ترسب وتقتل ، وإذا لم تقتله تنجح وتتخرج ، ثم تمتحن امتحاناً آخر تعطى عنصراً عدواً فإذا لم تقتله ترسب وتقتل ، وإذا قتلته تنجح وتتخرج .
قال بعد سنتين تضمر هذه الغدة ضموراً كلياً ، الأمر الذي جعل بعض الأطباء أن يقولوا لا وظيفة لها ، تبين أن الجيل المتخرج يتولى إلى نهاية الحياة تعليم الأجيال الصاعدة فصار أول جيل تخرج من هذه الكلية الحربية ، يتولى تعليم الأجيال الصاعدة ، لكن بعد الستين أو السبعين يضعف التعليم ، مع ضعف التعليم ينشأ شيء اسمه " الخرف المناعي" منها التهاب المفاصل الرثوي ، منها سبعة أمراض تقريباً ، يعني ما معنى التهاب مفاصل ؟ يعني ضعف التعليم ، صار العنصر القوي الكرية البيضاء تقتل الصديق ، أي أصبح حرباً أهلية ، فالتهاب المفاصل الرثوي نتيجة حرب أهلية داخل الجسم .
أيها الأخوة ، جهاز المناعة هذا الجهاز يؤكد اسم " الشافي " جيش بكل معاني هذه الكلمة ، هذا الجيش يقويه الأمن والحب والود ، يضعفه الخوف والقلق والحقد .
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا في اسم " الشافي " ، فالنبي عليه الصلاة و السلام كان إذا عاد مريضاً يقول له : (( اذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً )) .
العلامات من تمام رحمة الله بنا :
الحقيقة أن الله سبحانه و تعالى جلّت حكمته لولا أن جعل للأمراض أعراضاً لما أمكن الشفاء منها ، و قال تعالى :
? وَعَلامَاتٍ ? .
( سورة النجم الآية : 16 ) .
هذه آية واسعة جداً ، لولا الأعراض لما اهتدى الإنسان إلى مرضه .
لذلك تعد أخطر الأمراض الآن الأمراض التي لا أعراض لها ، كالأورام أحياناً فلذلك رحمنا الله عز وجل أن للأمراض أعراضاً ، و هذا طريق إلى الشفاء منها ، و هذه واحدة .
لو توسعنا قليلاً في فهم العلامات ، نضج الفواكه لها علامات ، وأي شيء في الأرض له علامات ، وأي حدث في الأرض له علامات ، فالعلامات من تمام رحمة الله بنا .
التوحد في بنية الإنسان التشريحية :
شيء آخر : الإنسان له بنية موحدة ، أي إنسان في أي زمان و مكان بنيته التشريحية واحدة ، فقد يدرس الطبيب الطب في أمريكا ، و يعالج المرضي في الصين ، مكان الشريان ، مكان العصب ، بنية الأجهزة ، البنية التشريحية للإنسان في أدق أدق التفاصيل واحدة ، أماكن الأوعية ، أماكن الأعصاب ، أماكن الأجهزة ، النسج كلها موحدة و لولا هذا التوحد في بنية الإنسان التشريحية لما أمكن أن نتابع الطب في بلد ، وأن نعالج المرضى في بلد ، وأن نصنع الدواء في بلد ، وأن نستخدمه في بلد ، هذا كله ينضوي تحت اسم "الشافي " .
التئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته :
شيء آخر : ثبات قوانين الجسم ، الجسم له قوانين دقيقة جداً ، فلولا هذا التوحد في الخلق لما أمكن أن يكون الشفاء للإنسان .
ذلك لأن الله سبحانه وتعالى كما بينت في لقاء سابق أن هذا المرض أحد الوسائل التي تكون ناجعة في تأديب الإنسان ، وفي تربيته ، وفي تقريبه من الله عز وجل .
شيء آخر : هناك قوانين دقيقة في الجسم ، هذه القوانين أساسها أن النسج تلتئم إذا تمزقت ، من قنن هذا القانون أن النسيج يلتئم إذا تمزق أحياناً ؟ ذلك أن بعض النسج في جسم الإنسان التي تؤكد عفة الفتاة لا تلتئم أبداً ، فالتئام النسج من رحمة الله بنا ، يكون الجرح يأتي الطبيب ويخيط هذا الجرح بعد حين يلتئم الجرح ، جميع النسج تلتئم بسبب أن الله قنن هذا القانون فهو " الشافي " .
العظم يلتئم ، الخلية العظمية قد تنام ستين عاماً ، فإذا صار كسر تستيقظ هذه الخلايا وتلتئم ، ما دور الطبيب العظمي ؟ يضع العظمة على العظمة فقط ، وانتهى دوره ، و تأتي هذه الخلايا ويستيقظ و تسهم في التئام الجروح و الكسور .
قضايا دقيقة جداً ، ولقطات مؤثرة جداً نكتشفها حينما نقول أن الله سبحانه وتعالى هو " الشافي " فالتئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته ، ألا يوجد إنسان عنده مركبة وتصاب بكسر في بعض أجزائها ، يقول لك الخبير في إصلاحها : دعها تلتئم وحدها ، هذا لا يكون في عالم المعادن إطلاقاً ، أما في عالم خلق الإنسان ، ولأن الله هو " الشافي " النسج تلتئم .
القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم الشافي :
الذي يلفت النظر كما قلت قبل قليل : أن بعض النسج لا يلتئم أبداً ، لأن تمزقها دليل ، ولا يمكن أن يلغى هذا التمزق .
هناك أشياء كثيرة نستفيدها من اسم " الشافي " مثلاً : الاحتياط الذي جعله الله في بعض الأجهزة ، الكلية مثلاً فيها احتياط كبير ، يستطيع الإنسان أن يعيش بكلية واحدة والثانية احتياط كبير ، أنا أتمنى الإنسان حينما يدرس الطب يدرسه في ضوء الإيمان ، يجد أن هذه القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم " الشافي " .
من قال إن القلب إذا أردنا إصلاحه بعلمية جراحة و أوقفناه عن طريق التبريد و بعد انتهاء العملية يعطى القلب صعقة فيعود و يعمل ، لو أن القلب إذا توقف لا يعمل انتهى العمل الجراحي كله ، انتهي كل شيء اسمه عمليات القلب المفتوح ، عمليات القلب المفتوح لولا أن الله أعطى القلب هذا القانون أنه إذا توقف أو إذا أوقف بفعل التبريد فالله سبحانه و تعالى سمح له أن يعمل بعد أن تأتيه صعقة كهربائية ، لولا هذه القاعدة لألغي الطب في شأن جراحة القلب .
من تفكر في خلق السماوات و الأرض وصل إلى الله سبحانه و تعالى :
إذاً لو أردت أن تتفكر في خلق السماوات و الأرض لرأيت اسم " الشافي " واضحاً جداً في كل قانون قننه الله عز وجل ، و في كل نسيج صممه الله عز وجل ، و في كل خصيصة لأي عضو من أعضاء الجسم أودع الله فيه هذه الخاصة .
يعني أحياناً يقول طبيب قلب جراح : إن في القلب شرياناً يبدو أنه لا فائدة منه لكن حينما تسد بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان وهو من أمتن الأوعية ، ويوضع مكان الشريان التالف ، وكأن الله سبحانه و تعالى و ضع في جسم الإنسان بعض قطع الغيار ، و هذا من تمام خلق الله عز وجل ، تؤخذ بعض الشرايين من مكان وتوضع في مكان ، و حتى في الهيكل العظمي هناك أجزاء يمكن أن تستخدم كقطع غيار ، هذا الخلق الدقيق العظيم .
? لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ? .
( سورة التين ) .
قال تعالى :
? وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ? .
( سورة الذاريات ) .
الإنسان لو تفكر في خلق السماوات و الأرض و صل إلى الله ، وصل إلى الله معظماً ، مكبراً ، خاشعاً ، فإذا تفكر في جسمه فهو أقرب شيء إليه .
من رحمة الله بالإنسان أنه جعل لكل داء دواء :
والله يا أيها الأخوة ، لو أمضينا العمر كله في التدقيق في عجائب خلق الله في الإنسان لما اكتفى العمر للتفكر في خلق الإنسان ، والآية واضحة : ? لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ? .
أحياناً من الذي جعل هذا الدواء يفعل فعله ؟ يعني الدواء من رحمة الله بنا أنه جعل لكل داء دواء ، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما قال :
(( لكل داء دواء )) .
[حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر]
هذا الحديث إذا قرأه إنسان مريض بماذا يشعر ؟ يمتلئ قلبه أملاً بالشفاء و إلهنا وربنا من خلال نبيه ورسوله يقول : (( لكل داء دواء )) ، ولو سمع هذا الحديث طبيب ماذا يفعل ؟ يجب أن يجتهد و يبحث عن الدواء ، فإذا سمع هذا الحديث المريض امتلأ قلبه أملاً بالشفاء ، وإذا سمع الطبيب هذا الحديث شعر بتقصيره حينما لا يجد لهذا الداء دواء ، وقد خلق الله لكل داء دواء .
حرص الإنسان على سلامة وجوده تقتضي أن يطبق تعليمات الصانع :
كما ذكرت من قبل الله عزّ وجل من خلال صحتنا يربينا ، يقربنا إليه ، الإنسان كما تعلمون حريصاً على وجوده ، وعلى سلامة وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، وعلى كمال وجوده ، و قد بينت من قبل أن حرص الإنسان على وجوده يقتضي أن يحمي نفسه من الأخطار ، وأن حرصه على سلامة وجوده يقتضي أن يطبق تعليمات الصانع ، و أن حرص الإنسان على كمال وجوده يقتضي أن يقترب من الله عز وجل حتى يسعد بقربه ، وأن حرص الإنسان على استمرار وجوده يعني أن يربي أولاده ليكونوا استمراراً له بعد موته ، و الله عز وجل حينما برمج الإنسان وفطره على حبّ وجوده ، وعلى حبّ كمال وجوده ، وعلى حبّ سلامة وجوده ، وعلى حبّ استمرار وجوده ، من أجل أن يكون الإنسان في أعلى درجة من السلامة والسعادة .
الطبيب المؤمن حينما يرى من آيات الله في خلق الإنسان يكاد يذوب خشوعاَ لله :
أيها الأخوة حدثني بعض الأخوة الأطباء : أنه أحياناً إذا سدّ شريان في القلب تنمو مجموعة شُريانات في مجموع أقطارها تساوي الشريان المسدود ، و أنت لا تشعر ، يوجد بالجسم آلية الشفاء الذاتي ، فحينما يضعف عضو ينمو عضو آخر ، حينما يضيق شريان ينمو شريان آخر ، و هذا من آيات الله الدالة على عظمته ، و الطبيب المؤمن حينما يرى من آيات الله في خلق الإنسان يكاد يذوب خشوعاَ لله عز وجل .
شيء آخر : الكبد مثلاً ، الكبد يقوم بمئات الوظائف ، كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل وظائفه ، فلو تشمع الكبد وصل إلى ثلثي الكبد ، بل إلى أربعة أخماس الكبد وجاء الطبيب الجراح واستأصل أربعة أخماس الكبد ، الكبد يعيد بناء ذاته في ستة عشر أسبوعاً ، ذلك لأن كل خلية في الكبد تقوم بكل وظائف الكبد ، ولو تعطل كبد الإنسان لكان الموت محققاً لأنه المخبر ، والمعمل الكيماوي في الجسم .
إخوتنا الكرام ، التفكر في خلق السماوات و الأرض أقصر طريق إلى الله و أوسع باب ندخل منه على الله ، وأنت حينما تتعرف إلى أسماء الله الحسنى ، تقول " الشافي " الشافي جسمك مصمم للشفاء ، الأمراض لها أعراض ، البنية التشريحية للإنسان واحدة بشكل عجيب ، الإنسان له شكل .
الله عز وجل منح الإنسان أحد صفاته وهي الفردية لكرامته عند الله :
يقول بعض العارفين بالله : والله يا رب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع ، يوجد بالأرض ستة آلاف مليون إنسان لا يوجد إنسان يشبه الآخر ، الإنسان فرد ، وقد منح الله جلّ جلاله الإنسان أحد صفاته وهي الفردية لأن الإنسان كريم عليه ، لكرامة الإنسان عند الله ، فالإنسان فرد في شكل وجهه ، وفي قوامه ، و في نمط حركته ، فرد في قزحية عينه ، لا يوجد قزحية عين في الأرض تشبه قزحية عين الآخر ، حتى إن بعض البلدان الآن تأخذ صورة قزحية العين وتضعها على الجواز ، ولا يمكن لهذا الجواز أن يزور ، بل إن بعض الأقفال التي صنعت لا تفتح إلا على قزحية العين ، ومعنى ذلك أن هذا القفل لا يفتح إلا من خلال صاحبه ، فقزحية العين هوية للإنسان .
رائحة جلده هوية له ، لا يوجد إنسان له رائحة جلد تشبه رائحة جلد إنسان آخر و على هذا الأساس يبنى عمل الكلاب البوليسية ، ولولا أن الإنسان يتميز برائحة خاصة لما استطعنا أن نستخدم الكلاب البوليسية التي تملك من حاسة الشم مليون ضعف عن حاسة شم الإنسان .
ونبرة الصوت هوية لك ، لا يوجد إنسان في الأرض تشبه نبرة صوته نبرة صوتك وهذا نستخدمه في الهاتف ، فلان تعرفه من نبرة صوته .
الآن بلازما الدم ، الزمرة النسيجية غير الزمرة الدموية ، لكل إنسان زمرته النسيجية ، هذا من تكريم الله للإنسان جعله فرداً ، فرد في قزحية عينه ، وفرد في شكل وجه ، وفرد في قوامه ، وفرد في رائحة جلده ، وفرد في نبرة صوته ، وفرد في زمرته النسيجية وفرد في بلازما الدم ، وفرد في بصمته ، واكتشف أخيراً أنه فرد بالنطفة التي يملكها ، لكل نطفة علامة يتميز بها ، عند الزوجة جهاز لاستقبال هذه العلامة ، فما دامت هذه العلامة تأتيها تباعاً فهذا زوجها ، فإذا جاءت علامة أخرى فهذا مؤشر لوجود مرض في الرحم إلا أن المرأة قادرة على أن تستقبل علامة أخرى بعد أربعة أشهر أي العدة .
الإنسان فرد متميز لا أحد يشبهه فالله عز وجل واحد و واسع :
إذاً أيها الأخوة الإنسان فرد ، أما من أجل أن نفهم اسم " الشافي " الآن هناك مفارقة ، هو فرد متميز لا أحد يشبهه ، وفي الوقت نفسه ستة آلاف مليون البنية التشريحية واحدة ، مكان الشريان ، مكان العصب ، لولا أن الأعصاب لها أماكن محددة جداًً أي عملية جراحية في الوجه تعني الشلل أحياناً ، لكن معروف العصب هنا مكانه ، الطبيب الجراح عنده مهارة فائقة في معرفة أماكن الأعصاب ، وأماكن الأوعية والشرايين .
إذاً البنية التشريحية الواحدة تؤكد اسم " الشافي " .
الآن الوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد اسم " الشافي " ، الآن استجابة الجسم للدواء ، الجسم عضو نبيل يستجيب للدواء إذاً الله شافٍ ، ما أوقع المرض فينا إلا أن يكون المرض أداة قرب من الله عز وجل و يأتي بعده الشفاء ، فالله عز وجل شافٍ ، أي هذه الأدوية من صمم هذه العشبة لتهدئة القلب ، هناك أدوية مبطئة للنظم ، هناك أدوية موسعة للشرايين ، هناك أدوية مقوية لعضلة القلب ، هناك أدوية تعطي الإنسان راحة نفسية ، هناك أدوية مهدئة ، هناك أدوية مسكنة ، أي علم الأدوية علم قائم بذاته .
إذاً اسم " الشافي " تراه من وحدة الإنسان في بنيته التشريحية ، ومن وحدة الإنسان في وظائفه الفيزيولوجية ، بينما لكل إنسان هوية ، هذا شيء دقيق جداً ، أي وحدة تشابه البنية التشريحية ، والوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد أن الله واحد ، أن الخالق واحد ، وأما التفاوت في شكل الإنسان ، وفي خصائصه ، وفي هوياته ، تؤكد اسم " الواسع " فالله واحد و واسع .
الله عز وجل قنن القوانين ليكون هناك أمل في شفاء الأمراض :
أيها الأخوة الكرام ، الدم له خصائص مذهلة ، يوضع هذا الدم في بنك باسم صاحبه ، بعد سنوات ، بعد عشر سنوات إذا تورمت بعض الخلايا أو تعطلت بعض الخلايا في مكان ، يوضع هذا الدم في المكان نفسه ، فإذا به يتشكل من الخلايا التالفة ، يعني إذا تعطلت خلايا نقي العظام المصنعة لكريات الدم الحمراء ، يوضع هذا الدم في نقي العظام ، وهذا الموضوع يمثل الخلايا الجذعية ، من أحدث الموضوعات ، أي مكان عندما استأصلنا بعض النسج وضعنا الدم مع الاستئصال تنمو خلايا من جنس الخلايا المحيطة بهذا الدم ، وهذا الدم له ثمن باهظ جداً ، والآن هناك بنوك للخلايا الجذعية .
إذاً الله عز وجل هو " الشافي " أي كل جهود الأطباء لولا أن الله قنن هذه القوانين ، أعطى هذه الخصائص لما كان من أمل في شفاء الأمراض . إذاً الله عز وجل هو " الشافي " .
تقدم علم الطب نتيجة كرامة الإنسان عند الله :
لذلك الحديث :
(( إن لكل داء دواء )) .
[حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر]
يقرأ هذا الحديث المريض فيمتلئ ثقة بالشفاء ، يقرأ هذا الحديث الطبيب فيشعر بالتقصير تجاه البشر ، ينبغي أن نبحث عن شفاء لهذا المرض ، الآن فإذا أصيب دواء الداء معنى الطبيب حينما يصيب في تشخيص الداء قطع نصف المرحلة ، فإذا أصيب دواء الداء قال برئ بإذن الله .
الطبيب له مهمتان ، المهمة الأولى : أن يصيب في تشخيص الداء ، وأن يصيب في وصف الدواء ، فإذا جاء التشخيص صحيحاً ، وجاء الدواء مناسباً برئ ، ولكن بإذن الله .
لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( داووا مرضاكم بالصدقة )) .
[ رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود]
أولاً أعطاك ثوابت ، أعطاك بنى تشريحية واحدة ، أعطاك وظائف فزيولوجية ، أعطاك أدوية لها فعل في الأمراض ، وهيأ أطباء ، والأطباء من رحمة الله بالإنسان ، و أنا أقول دائما أيها الأخوة إن تقدم علم الطب لكرامة الإنسان عند الله ، لأن الله هو الشافي إلا أن مرض الموت لا شفاء له ، هذا المرض لأنه بوابة الخروج ، الإنسان كيف يخرج ؟ يخرج بمرض الموت ، قد يكون في الكبد ، وقد يكون في الكلية ، وقد يكون في القلب ، وقد يكون في الدماغ ، وقد يكون بحادث ، تارة سكتة دماغية ، ومرة سكتة قلبية ، ومرة احتشاء ، هذه الأمراض التي هي أمراض الموت هي بوابة الخروج ، والإنسان حينما يرى أنه لابد من أن يخرج من الدنيا هذا من أعظم المواعظ و العبر .
على الإنسان أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء :
الآن (( إن لكل داء دواء )) فإذا أصيب دواء الداء برئ المريض بإذن الله ، إذاً ما الموقف الكامل حينما يصيب الإنسان المرض ؟ الموقف الكامل أن أبحث عن طبيب متفوق ، ولي مصطلح لطيف : ابحث عن طبيب مسلم حاذق ورع ، لأنه ينصح ، والدين النصيحة .
الآن هذا الطبيب يصيب في وصف تشخيص الداء ، ويصيب إن شاء الله في وصف الدواء ، ثم توجه إلى الله أن يسمح لهذا الدواء أن يفعل فعله في الداء ، هذا الموقف الكامل .
لذلك هذا ينقلنا إلى شيء مهم جداً في الإيمان ، أنت يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، هذه بطولة ، أن تذهب إلى أفضل طبيب ، أن تستخدم بدقة بالغة تعليمات الطبيب ، ثم تتوجه من أعماق أعماقك إلى الله ، يا رب اشفِ أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء من السهل جداً أن تأخذ بالأسباب ، وأن تعتمد عليها وتنسى الله ، وهذا واضح جداً في العالم الغربي ، ألهوا الأسباب ، يأخذون بالأسباب ويعتمدون عليها ، وينسون الواحد القهار ، لكن الله يقهرهم أحياناً ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
الأخذ بالأسباب من الدين :
الإنسان من ضعفه إذا أخذ بالأسباب يعتمد عليها وينسى الله ، و يوجد مسلمون مقصرون لا يأخذون بالأسباب ، وهم عصاة ، لذلك الطريق الأمثل هو طريق وادٍ سحيق و عن يساره وادٍ سحيق ، فالإنسان إذا أخذ بالأسباب و اعتمد عليها وقع في وادي الشرك ، و إن لم يأخذ بالأسباب و قع في وادي المعصية ففي حنين قال الصحابة :
(( لن نغلب من قلة )) .
[ أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عباس ]
معهم بسبب الكثرة فقال تعالى :
? وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ? .
( سورة التوبة ) .
فالأخذ بالأسباب من الدين :
(( إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليكم بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل )) .
[ أبو داود وأحمد عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ]
يجب أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، يجب أن تعالج عند الطبيب ، يجب أن تذهب إلى طبيب متفوق ، أن تستخدم الدواء بعناية بالغة ، وفي الوقت نفسه يجب أن يمتلئ القلب رجاء من الله عز وجل أن يسمح للدواء أن يفعل فعله .
الله تعالى إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوضه عليها أضعافا ًمن القرب منه :
فلذلك :
(( لكل داء دواء ، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله)) .
[حديث صحيح رواه مسلم والإمام أحمد عن جابر]
هذا الذي يقتضي الدعاء ، والتوسل إلى الله عز وجل ، ودفع الصدقات ، مع الأخذ بالأسباب هذا الموقف الكامل .
هناك مثل يقرب الحقيقة : عندك سفر ، راجعت المركبة مراجعة تامة ، راجعت كل شيء فيها ، وكلها جاهزة ، الآن أخذت بالأسباب ، الآن تتوجه بكل أعماقك إلى الله ، يا رب ، أنت الحافظ ، أنت الموفق ، أنت المسلم في هذا السفر ، أنت الرفيق في السفر ، هذا شأن المؤمن في كل شيء يأخذ بالأسباب و كأنها كل شيء ، و يتوكل على الله و كأنها ليست بشيء .
شيء آخر الحديث القدسي الصحيح :
(( يا ابنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني ، قال : يارب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين ؟ قال : أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ))
[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
و الله أيها الأخوة ، بالحديث ملمح يذيب محبة لله ، الله عز وجل إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوضه عليها أضعافاً مضاعفة من القرب من الله .
(( أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده )) .
كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم الشافي :
الحقيقة ماذا نستطيع أن نقول في اسم " الشافي " ؟ كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم " الشافي " ، كل شيء حول الإنسان يؤكد اسم " الشافي " ، كل شيء في بنية الإنسان التشريحية يؤكد اسم " الشافي " ، كل شيء في وظائف الجسم يؤكد ، الفيزيولوجية تؤكد اسم " الشافي " ، كل دواء خلقه الله لهذا الإنسان يؤكد اسم " الشافي " .
والآن الأبحاث الطبية تؤكد هذه الحقيقة ، بعد حين يظهر دواء ناجح لبعض الأمراض المستعصية ، إذاً الله عز وجل شافٍ .
? الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ? .
( سورة الشعراء )
والحمد لله رب العالمين